والله جل وعلا حكيم في خلقهن وحكيم في أمره ونهيه وتشريعه، لا ينهى عن شيء إلا وفيه مضرة خالصة أو راجحة، ولا يأمر بشيء إلا وفيه مصلحة خالصة أو راجحة. ومن حكمته سبحانه وتعالى: أنه يحاسب الخلائق، فيجازي المحسن بإحسانه، ويجازي المسيء بإساءته، ولا يترك الناس بدون جزاء كل يعما ثم لا يجازى، هذا يخالف الحكمة، ولهذا يقول جل وعلا:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ}[الأنبياء:١٦] ، ويقول سبحانه وتعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}[ص:٢٧] ، ويقول جل وعلا -رداً على الذين ينكرون البعث -: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون:١١٥] ،
{أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً}[القيامة:٣٦] يعني: لا يُؤمر ولا يُنهى ولا يجازى؟!
وأهل الجاهلية ينكرون حكمة الله سبحانه وتعالى في خلقه وأمره، والمعتزلة والأشاعرة ينفون الحكمة في أفعال الله سبحانه وتعالى، فالأشاعرة ينفون الحكمة في أفعال الله سبحانه وتعالى، فالأشاعرة يقولون: الله لا يفعل لحكمة، وإنما يفعل لمشيئة مجردة فقط، لا لحكمة؛ لأن الحكمة معناها: أنه يعمل لغرض، والله منزّه عن الأغراض، ولأن