للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تركته، فأرسل هذا الملك جماعة لقتل المسيح، ودخلوا عليه في مكانه يريدون قتله، ولكن الله جل وعلا مكر لنبيه، فألقى شبه المسيح على رجل من أتباعه قدم نفسه لذلك يريد الأجر من الله، حتى صار كأنه المسيح، فأخذوه وقتلوه وصلبوه على الخشبة، يظنون أنه المسيح، ورفع الله المسيح إليه من بينهم وهم لا يشعرون؛ ولهذا يقول جل وعلا: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: ١٥٧] .

هذا معنى قوله تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: ٥٤] ، وهذا من باب المقابلة والمجازاة، وهو عدل منه سبحانه وتعالى، بخلاف مكر المخلوق فإنه ظلم؛ لأنه بغير حق.

وقال تعالى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ} [آل عمران: ٧٢] وهذا من مكر اليهود أيضاً، لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وظهر أمر الله سبحانه وتعالى، وانتصر على المشركين في غزوة بدر، يوم الفرقان، ولما عجز اليهود عن صد الناس عن دين محمد صلى الله عليه وسلم، لجأوا إلى حيلة ومكر، فقال جماعة منهم: أسلموا في أول النهار، وإذا صار آخر النهار ارتدوا عن الإسلام، وقولوا: ما وجدنا في دين محمد صلاحية، فإن الناس سيتبعونكم؛

<<  <   >  >>