للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غير توثّق ومن غير تثبّت، يكون أحد الكاذبين، ولهذا جاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حدّث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين" ١.

وهذا من حرفة أهل الجاهلية أنهم يفترون على الله الكذب، حيث زعموا أن الله أمرهم بكشف العورة في الطواف، وحرّموا ما أحلّ الله، وزعموا أن الله شرع لهم هذا {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ... } [النحل: ٣٥] ، {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام: ١٤٨] ، {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: ٢٠] ، وهذا كله كذب على الله سبحانه وتعالى، لأن الله جل وعلا أرسل الرسل لإنكار ما هم عليه.

فالحاصل: أن نسبة الكذب إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، هو من أمور أهل الجاهلية، فعلى المسلم أن يحذر من هذا العمل الخبيث، وقد لا يكذب هو على الله، لكن لا يتحرّى في نقل الأمور عن الله وعن رسوله، والفتاوى لا يتحرّى فيها، فإذا كان ما نقله خطأ، وهو لم يتثبت فيه، ونشره على الناس، فإنه يصير أحد الكاذبين، ويصير قد ضَرَّ الناس بهذا الشيء الذي نقله لهم ونشره بينهم.


١ أخرجه مسلم في المقدمة باب رقم ١ وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذابين والتحذير من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <   >  >>