فإن هذه المسألة تابعة لما قبلها مما ذكر الله في الآية من خبر آل فرعون، حيث قالوا له:{أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ}[الأعراف: ١٢٧] يعنون: ألوهيتك على الناس وعبادتهم لك، يقولون: أنت لك شأن، ولك عظمة في الأرض، فلو تركتهم يدعون إلى الله تنقّصوك عند الناس، وأرخصوك عند الناس، فأنت بادر بالقضاء عليهم من أجل أن تبقى لك هيبتك ومكانتك. وهذا من الغش لفرعون، وتعريضه للهلاك.
ويا سبحان الله! يتنقّصون الله جل وعلا رب السموات والأرض، ولا يعيبون هذا على أنفسهم، ويعيبون على موسى وقومه إذا نصحوا فرعون وقومه، ودلوهم على طريق السعادة والنجاة، وبقاء الملك وصلاحه؟! وهكذا تفعل بطانة السوء دائماً وأبداً، ولهذا على الولاة أن يتخذوا البطانة الصالحة الناصحة، ويحذروا من بطانة السوء وأصحاب المبادئ الهادمة، والأفكار المنحرفة، فإنهم يقودونهم إلى الهاوية، كما حصل من بطانة فرعون، حيث أوقعوه في الهلاك والبوار، وحالوا بينه وبين قبول الحق.
وأما رميهم إياهم بتبديل الدين، كما قال تعالى عن فرعون: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ