ووثني وعربي وعجمي، فدين الله واحد، وهو عبادته وحده لا شريك له؛ لكن هؤلاء فرقوا دينهم وصار لكل طائفة منهم دين يختلف عن الدين الآخر، فاليهود أنفسهم كانوا مختلفين فيما بينهم، والنصارى كانوا مختلفين، كانوا فرقاً مختلفة، وهم إلى الآن على اختلاف.
وكذلك العرب الوثنيون متفرقون في عبادتهم، منهم من يعبد الشمس، ومنهم من يعبد القمر، ومنهم من يعبد الأصنام، ومنهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأولياء والصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار.
هذه حالة أهل الجاهلية من كتابيين وأميين، لا يجمعهم دين، وعندهم حزبيات {) كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[الروم: ٣٢] وهذا من تمام العقوبة والابتلاء؛ كون الإنسان يفرح بما هو عليه من الباطل، كان الواجب العكس، وأن الإنسان يخاف من الضلال، ويخاف من الانحراف، ويخاف من الهلاك، لكن هؤلاء بالعكس {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[الروم: ٣٢] دون النظر إلى كون ما هو عليه حقاً أو باطلاً، المهم أنها نِحْلَةُ آبائهم وأجدادهم وقومهم وعشيرتهم، ولا فرح الإنسان بالباطل، فهذه عقوبة؛ لأنه إذا فرح بالباطل فلن يتحول عنه.