إذاً، هذه أقوال الأئمة المجتهدين، اجتهدوا عن علم وعن أهلية للاجتهاد، لكن لم يدَّعوا لأنفسهم العصمة، بل أوصوا أن يؤخذ من أقوالهم ما وافق الدليل، فيجب على الحنبلي إذا رأى الدليل مع الشافعي أن يأخذ بقول الشافعي، وواجب على الشافعي إذا رأى الدليل مع الحنفي أن يأخذ بقول الحنفي، وواجب على المالكي إذا رأى الدليل مع الحنبلي أن يأخذ بقول الحنبلي؛ لأن الغرض هو اتباع الدليل، ليس الغرض قول فلان ولا فلان، فلا يتعصبون لأئمتهم، وإنما يتعصبون للدليل فقط. وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم والإمام محمد بن عبد الوهاب كلهم يأمرون بهذا ويقولون: انظروا في أقوال العلماء، فخذوا ما قام عليه الدليل. وكلامهم في هذا معلوم من كتبهم.
هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، لا تعصب، لكن ليس معنى هذا أن نرفض المذاهب ونتركها؛ بل نستفيد من المذاهب ومن فقه الأئمة؛ لأنه ثروة عظيمة، لكن نتابع الدليل، من كان معه دليل أخذنا بقوله، هذا هو الواجب.
ومن لا يعرف الدليل يسأل أهل العلم، قال تعالى:{فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣] ؛ لأنك تريد براءة الذمة، فإذا كنت تعرف، فالحمد لله، خذ بالدليل