أكون فيها بالنهار وأخرج بالليل إلى شاطىء البحر فأغرز الحربة عَلَى الساحل وأسند الترس إليها محرابا وأتقلد سيفي وأصلي إِلَى الغداة فَإِذَا صليت الصبح غدوت إِلَى الغابة فكنت فيها نهاري اجمع فبدوت فِي بعض الأيام فعثرت بشجرة فاستحسنت ثمرها ونسيت عقدي مَعَ اللَّه وقسمي به إني لا أمد يدي إِلَى شيء مما تنبت الأَرْض فمددت يدي فأخذت بعض الثمرة فبينا أنا أمضغها ذكرت العقد فرميت بِهَا من فِي وجلست ويدي عَلَى رأسي فدار بي فرسان وقالوا لي قم فأخرجوني إِلَى الساحل فَإِذَا أمير وحوله خيل ورجالة وبين يدية جماعة سودان كانوا يقطعون الخيل فِي طلب من هرب منهم فوجدوني أسود معي سيف وترس وحربة فلما قدمت إِلَى الأمير قَالَ أيش أنت قلت عَبْد من عُبَيْد اللَّه فَقَالَ للسودان تعرفونه قالوا لا قَالَ بل هو رئيسكم وإنما تفدونه بأنفسكم لأقطعن أيديكم وأرجلكم فقدموهم ولم يزل يقدم رجلا رجلا ويقطع يده ورجله حتى انتهى إلي فَقَالَ تقدم مد يدك فمددتها فقطعت ثم قَالَ مد رجلك فمددتها ورفعت رأسي إِلَى السماء وقلت إلهي وسيدي يدي جنت ورجلي أيش عملت فَإِذَا بفارس قد وقف عَلَى الحلقة ورمى بنفسه إِلَى الأَرْض وصاح أيش تعملون تريدون أن تنطبق الخضراء عَلَى الغبراء هَذَا رجل صالح يعرف بأبي الخير فرمى الأمير نفسه وأخذ يدي المقطوعة من الأَرْض وقبلها وتعلق بي يقبل صدري ويبكي ويقول سألتك بالله أن تجعلني فِي حل فقلت قد جعلتك فِي حل من أول مَا قطعتها هذه يد قد جنت فقطعت.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: فانظروا رحمكم اللَّه إِلَى عدم العلم كيف صنع بهذا الرَّجُل وَقَدْ كان من أهل الخير ولو كان عنده علم لعلم أن مَا فعله حرام عَلَيْهِ وليس لإبليس عون عَلَى العباد والزهاد أكثر من الجهل أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر ابْن حبيب نا أَبُو سَعِيد بْن أبي صَادِق نا أبي باكويه قَالَ سمعت الْحُسَيْن بْن أحمد الْفَارِسِيّ قَالَ سمعت مُحَمَّد بْن داود الدينوري يَقُول سمعت ابْن حديق يَقُول دخلنا المصيصة مَعَ حاتم الأصم فعقد أنه لا يأكل فيها شيئا إلا حتى يفتح فمه ويوضع فِي فيه وإلا مَا يأكل فَقَالَ لأصحابه تفرقوا وجلس فأقام تسعة أيام لا يأكل فيها شيئا فلما كان فِي الْيَوْم العاشر جاء إليه إنسان فوضع بين يديه شيئا يؤكل فَقَالَ كل فلم يجبه فَقَالَ لَهُ ثلاثا فلم يجبه فَقَالَ هَذَا مجنون فأصلح لقمة وأشار بِهَا إِلَى فمه فلم يفتح فمه ولم يتكلم فأخرج مفتاحا كان معه فَقَالَ كل وفتح فمه بالمفتاح ودس اللقمة فِي فمه فأكل ثم قَالَ لَهُ إن أحببت أن ينفعك الله به فأطعم أولئك وأشار إِلَى أصحابه أنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ نا عَلِيّ بْن المحسن التنوخي عَنْ أبيه ثني مُحَمَّد بْن هلال بْن عَبْدِ اللَّهِ ثني القاضي أَحْمَد بْن سيار قَالَ حَدَّثَنِي رجل من الصوفية قَالَ