وإذا نظرنا إلى جهود علماء العربية في هذا الشأن، نجد أن أصوات اللغة، كانت من الأمور، التي جذبت انتباه علماء العرب الأوائل، فعملوا في جهد لا يعرف الملل، على إتقان النطق بها، وعلى الأخص عندما انتشر الإسلام في بقاع الأرض المختلفة، وطرقت أسماع العرب أصوات اللغات الأخرى، فخشي العلماء أن تنحرف أصوات العربية، بتأثرها بأصوات تلك اللغات، فلم يكد القرن الثاني الهجري يبدأ، حتى قام بين علماء العرب، من يصف الأصوات العربية، معتمدا على التجربة باللسان والأذن، لا على المعامل والأجهزة؛ إذ لم تكن قد عرفت بعد، في ذلك العصر.
واشتهر من بين العلماء في ذلك العصر الأول، الخليل بن أحمد الفراهيدي "توفي سنة ١٧٥هـ" الذي عني كثيرا بدراسة الأصوات، وموسيقى اللغة، وقد ساعده سمعه المرهف الحساس على التفوق في هذه الناحية، فوجه عنايته لأوزان الشعر وإيقاعه، واستخرج لنا بحور الشعر وقوافيه أو علم العروض، الذي لا يعدو أن يكون دراسة صوتية، لموسيقى الشعر، واتجه كذلك إلى الألحان والأنغام، وألف في الإيقاع والنغم. وأخيرا حين بدا له وضع معجم لألفاظ اللغة، رتبه على حسب مخارج الأصوات، وهذا المعجم هو كتاب:"العين". ومهما يكن القول في شأن هذا المعجم من أنه تضمن مسائل لغوية، نقدها علماء العربية، بعد ظهوره، وأنكروا نسبتها إلى الخليل، ونزهوه عن الوقوع في أمثالها، وذهب بعضهم لهذا إلى نفي نسبة هذا الكتاب إليه فالذي لا شك فيه أن الخليل، قد وضع هيكل هذا المعجم، ورسم منهجه ونظامه، وأن ما جاء فيه مما أنكره هؤلاء العلماء، إنما أقحم في ثناياه بعد الخليل.
رأى الخليل بن أحمد، أن الترتيب المألوف لحروف الهجاء العربية، وهي: أب ت ث ج ح خ ... إلخ، إنما استمده النساخ والكتبة من