ينبغي قبل أن نعرف الإجابة على هذا السؤال، أن نتعرف الجهاز النطقي عند الإنسان، وهو عبارة عن التجويف الفمي والأنفي، والحلق، والحنجرة، والقصبة الهوائية، والرئتين. وفي تسمية هذه الأعضاء كلها بالجهاز النطقي، إجحاف بوظائفها الحيوية الأخرى، إذا علمنا أن الشفتين تستخدمان لتلقي الطعام عند دخوله في الفم، كما تسخدمان صماما لمنع الطعام أن يخرج من الفم في أثناء المضغ، كما تستعملان في المص، بتضييق الفجوة بين منطقة الضغط الخفيف داخل الفم، والسائل الذي يراد امتصاصه وغير ذلك من الأغراض الأخرى.
أما الأسنان والأضراس، فلتقطيع الطعام ومضغه، واللسان لتقليب الطعام في الفم وتذوقه. أما الأنف والتجويف الأنفي، فليسا إلا حجرة يتكيف فيها الهواء، قبل نزوله إلى الرئتين. أما الحلق فإنه ليس إلا ممرا للطعام والهواء كليهما. وينتهي الحلق بالحنجرة، وفيها الأوتار الصوتية التي تؤدي وظيفة الصمام للرئتين لحفظها، ولحبس الهواء فيهما عند الحاجة إليه. أما القصبة الهوائية، فإنها الطريق الذي يمر به الهواء الداخل للرئتين أو الخارج منهما. وأما الرئتان فإنهما لتنقية الدم الموجود بالجسم، بإعطائه الأوكسجين، وتخليصه من ثاني أكسيد الكربون، ثم توزيع هذا الدم الصالح، على أعضاء الجسم بواسطة القلب.
وعلى ذلك "فالنطق في الواقع، ليس أكثر من وظيفة ثانوية، تؤديها هذه الأعضاء، إلى جانب قيامها بوظائفها الرئيسية، التي خلقت من أجلها، ولهذا فإن عجز الإنسان عن الكلام، لأصابته بالبكم، لا يعني على الإطلاق عجز أعضائه هذه عن القيام بوظائفها الأخرى، التي تحفظ على