نظرية الملاحظة، صاحبها هو العالم الألماني:"جيجر" Geiger، فقد برهن هذا العالم على أن أقدم ما أمكنه الوصول إليه، من الأصوات اللغوية الأولى، يعبر عن أعمال أو إشارات إنسانية. ومن هذه الحقيقة، استنبط أن تلك الأعمال والإشارات، كانت لا محالة، هي التي لفتت نظر الإنسان الأول، وأثارت اهتمامه، وأنها كانت أول ما عرف الإنسان عن أخيه الإنسان الأول، وأثارت اهتمامه، وأنها كانت أول ما عرف الإنسان عن أخيه الإنسان، ولذا تمكنت من نفسه وحلت منها مكانا حصينا، فإن مشاهدة الإنسان لغيره، وهو متلبس بعمل من الأعمال الهامة، أو متأثر بحال انفعالية قاسية، أثارت أقصى اهتمامه، وجعلته يتأثر به تأثرا آليا، بطريق المحاكاة العكسية، فتظهر على وجهه علامات التأثر نفسها، البادية على وجه زميله. وقد حمله هذا الانتباه إلى العمل، وملاحظته أخاه وهو يعمل، على أن تصدر منه، إشارة تلقائية، أو صوت ساذج معبر عن هذه الملاحظة. وعلى مر الأيام، وبتكرار التجارب المتشابهة، تطورت الأصوات إلى كلمات، واستغني عن الإشارات كلها، أو بعضها على الأقل.
وقد أقبل "جيجر" على كثير من الكلمات المستعملة في اللغات الأوربية، وأرجعها إلى أصول "إغريقية، سنسكريتية"، تدل على عمل من أعمال الإنسان، مثال ذلك: الأصل الإغريقي، الذي معناه:"الكشط" أو "السلخ"، اشتقت منه كلمات معانيها: الجلد والخشب والشجر. وهنا نرى العلاقة واضحة بين هذه الفروع وأصلها، فإن الجلد هو ما يسلخ، والخشب شجر كشط لحاؤه، والشجر ما يكشط ليؤخذ منه الخشب.
وبالطريقة عينها انحدرت الكلمة الإنجليزية: Night بمعنى: "ليل" من أصل سنسكرتي هو: ang أو ungo بمعنى: "الصبغ باللون الأسود".
ومما قد يؤيد هذا المذهب، أن جميع أسماء الآلات تقريبا، مشتقة من كلمات تدل على أعمال إنسانية. وإنك لترى هذه الحقيقة ماثلة في لغتنا العربية، فلدينا مثلا: المنشار، والمفتاح، والمقراض، والمقص، والمخرز، وكلها مشتقات من أصول يدل كل واحد منها، على عمل من أعمال الإنسانية الهامة.
ومع أن وضع هذ النظرية، يعد خطوة أخرى في سبيل حل المشكلة، فإنها لم تستطع أن توضح لنا، بأسلوب مفهوم معقول، كيف وضعت تلك الأصول العامة الأولى، التي يقول صاحب النظرية، إنها تتعلق بأعمال الإنسان أو إشاراته، والتي يعدها الكلمات الأولى، التي اشتقت منها غيرها من الكلمات. على أنه من المتعذر، إرجاع جميع الكلمات التي تتكون منها اللغات كلها، إلى تلك الأصول العامة.