ليست اللغة بمعزل عن العلوم الأخرى، فلها "ارتباط وثيق بعلوم الطبيعة، فإن أصوات لغة الكلام، تنتج وتستقبل عن طريق أجهزة الجسم الإنساني. وتركيب هذه الأجهزة ووظائفها جزء من علم وظائف الأعضاء. وكذلك فإن انتقال الصوت على شكل موجات صوتية عبر الهواء، يدخل في اختصاص علم الطبيعة، وبخاصة ذلك الفرع، المعروف بعلم الصوت. ولكن اللغة، من ناحية أخرى، لها علاقة وثيقة بعلم الإنسان، وعلم الاجتماع، باعتبارها نتاج علاقة اجتماعية، ووسيلة نقل الثقافة، التي تعد من وجهة نظر علم الإنسان، مجموعة تقاليد الشعب، وأوجه استعمالاته للغته. وبالنظر إلى وظيفة اللغة، كتعبير عن الفكر، يمكن اعتبار اللغة جزءا من علم النفس"١.
ونتناول في هذا الفصل، علاقة اللغة بالمجتمع الإنساني، وقد ذكرنا من قبل، أن اللغة نشاط اجتماعي، من حيث إنها استجابة ضرورية، لحاجة الاتصال بين الناس جميعا، ولهذا السبب يتصل علم اللغة اتصالا شديدا، بالعلوم الاجتماعية، وأصبحت بعض بحوثه تدرس في علم الاجتماع، فنشأ لذلك فرع منه يسمى:"علم الاجتماع اللغوي"، يحاول الكشف عن العلاقة بين اللغة والحياة الاجتماعية، وبين أثر تلك الحياة الاجتماعية في الظواهر اللغوية المختلفة.