للإنسان الأول، الذي كان يسير على غير هدى في لغته، لا يجد أمامه من يردد مقاطعه وجمله، ليحاكيها ويصل بها إلى مراحل النضج والإحكام.
وفي ذلك يقول "ماريو باي": كان من الطبيعي أن يلجأ الباحثون إلى دراسة تطور مهارة الكلام عند الطفل منذ مولده، إبان محاولتهم إلقاء الضوء على نشأة اللغة وتطورها. وعندما أجريت هذه التجارب على أطفال أسوياء، في ظروف طبيعية، انتهت -فيما يتعلق بنشأة اللغة وتطورها- إلى نتائج غير مقنعة، فكل ما دلت عليه هذه التجارب، هو أن الطفل يحاكي حديث الكبار في المجتمع الذي يعيش فيه.
"ويحدثنا التاريخ عن ثلاثة رجال على الأقل، حاولوا أن يعزلوا الأطفال منذ مولدهم، حتى يثبتوا ما إذا كان الطفل يستطيع أن يتحدث بلغة، ليست في أصلها مبنية على محاكاة للكبار، فيروي "هيرودوت" أن الفرعون المصري "بسماتيك" قد أجرى هذه التجربة على طفلين، وأن أول كلمة نطقا بها، هي كلمة: "بيكوس" Bekos ومعناها: "خبز" باللغة الفريجية١. عندئذ ثبت للفرعون المصري، أن هذه اللغة، هي أصل اللغات في العالم.
"وقام "فريدرك الثاني" في مطلع القرن الثالث عشر الميلادي، بتجربة مماثلة، ويقال إن الطفلين ماتا قبل أن يصل الباحثون إلى نتائج حاسمة. ويدعي "جيمس الرابع" ملك إسكتلندا "حوالي سنة ١٥٠٠م" أن الأطفال الذين أجرى عليهم تجربته، قد استطاعوا أن يتحدثوا باللغة العبرية بطريقة مفهومة. ولما كانت الضوابط العلمية تنقص هذه التجارب