للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه العواطف يمكن بطبيعة الحال، التعبير عنه بواسطة التنغيم، أو تغيير الصوت، أو سرعة الحديث، أو الشدة التي يركزها المتكلم على هذه الكلمة أو تلك، أو بالإشارة التي تصحب الكلام.

فالجملة الواحدة، تحتمل عند النطق بها، مئات ومئات من وجوه الاختلاف، التي تقابل أشد ألوان العاطفة خفاء. والفنان الدرامي، الذي يقوم بدوره في المسرح، عليه أن يجد لكل جملة التعبير اللائق بها، والنغمة الحقة التي تناسبها، وذلك أوضح ما يلاحظ على مواهبه، فالجملة التي يقرؤها في صحيفة، تعد ميتة خالية من التعبير، ولكنه ينعشها بنطقه، وينفث فيها الحياة١. وإذن فمعرفة كلمات الجملة وتحليل عناصرها النحوية، ليس معناه استخراج كل مكنوناتها بل يبقى بعد ذلك تقدير قيمتها الانفعالية.

ويذهب "فندريس" إلى أن تقدير هذه القيمة الانفعالية "واجب يفرض نفسه على العالم النفسي، الذي يدرس طبيعة العواطف، وبدرجة مساوية على الفنان، الذي يسعى إلى إبرازها على المسرح، وعلى العالم اللغوي، ولكن بدرجة أقل، فهذه العواطف لا تعني هذا الأخير، إلا عندما يعبر عنها بوسائل لغوية"٢.

كما يرى "فندريس" أن "الفرق الأساسي بين اللغة الانفعالية واللغة المنطقية، ينحصر في تكوين الجملة. وهذا الفرق ينبثق جليا، عندما نقارن اللغة المكتوبة، باللغة المتكلمة، فاللغة المكتوبة واللغة المتكلمة، تبتعدان في


١ انظر: فصل "اللغة الانفعالية" في كتاب: علم النفس اللغوي ٣٧، ٣٨.
٢ اللغة لفندريس ١٨٥.

<<  <   >  >>