هذه الدراسة الجغرافية اللغوية، تعد من أحدث وسائل البحث في علم اللغة. ولها وظيفة ذات أثر بالغ في الدراسات اللغوية في العصر الحديث؛ لأنها تسجل الواقع اللغوي للغات أو اللهجات، على خرائط يجمعها آخر الأمر أطلس لغوي عام. وتختص كل خريطة بكلمة، أو بظاهرة صوتية معينة، يبدو فيها الاتفاق، أو الاختلاف بين المناطق اللغوية المتعددة. ومما لا شك فيه أن هناك تشابها بين لهجة إقليمية وأخرى، أو بين لهجتين اجتماعيتين أو بين عاميات خاصة، ما دامت هذه جميعا ترجع إلى أصل لغوي واحد.
ولقد "كان إعداد الأطالس اللغوية، أسبق في الوجود من معظم الإنجازات الوصفية الحديثة. وهو يعتمد إلى حد كبير، على مفردات اللغة التي تعد في نظر الوصفيين، في الدرجة الثانية من الأهمية، ولكنه مع ذلك اتبع منهجا يمكن أن يوصف على الأقل بأنه وصفي، وبأنه خير مثل للعمل اللغوي تحت ظروف البيئة المعينة. وعلى الرغم من أن هذا العمل قد بدأ أساسا على يد اللغويين التاريخيين، لأغراض تاريخية في معظمها، فإنه قد وضع الأساس لنموذج الدراسة الوصفية العملية في مجال البحث اللغوي"١.
وعلى الرغم من تقدم هذا الفرع من فروع الدراسة اللغوية في أوربا وأمريكا، فإنه لا يزال غض الإهاب في بلادنا. وليس لدينا في لغتنا العربية، إلا محاولة قام بها المستشرق الألماني:"برجشتراسر" G Bergstrasser لعلم أطلس لغوي لبلاد سوريا وفلسطين Sprachatlas von Syrien und Palastina نشره في ليبزج سنة ١٩١٥م. وسنتحدث عنه بالتفصيل بعد ذلك.