للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وينفي السهيلي ما شاع عند النحاة، من أن التنوين في الأسماء المعربة للتمكين، وإن كان يعده علامة الانفصال، فيقول: "التنوين علامة للانفصال، وإشعار بأن الاسم غير مضاف إلى ما بعده ولا متصل به، وليس دخول التنوين في الأسماء علامة للتمكن، كما ظنه قوم"١.

ودخول التنوين "وهو للتنكير كما ذكرنا من قبل" في الأعلام العربية، مثل: "محمد" و"علي"، أمر صعب التفسير؛ لأن العلم معرفة، كما نعلم. غير أنه يمكن أن يكون في كل علم شيء من الشيوع، وإن كان أقل من شيوع النكرة؛ إذ كثيرون يسمون بمحمد وعلي وغيرهما، فالتنوين في الأعلام للدلالة على هذا الشيوع النسبي، ولذلك نراه يزول عندما يوصف العلم بكلمة: "ابن"؛ لأن الدائرة قد ضاقت بهذا الوصف، وأصبح العلم محددا غاية التحديد، ببيان النسب، ولذلك لا يدخله التنوين في هذه الحالة، فيقال مثلا: "محمد بن علي" وما أشبه ذلك.

وقد أحس ابن جني بهذا التنكير النسبي في الأعلام، فقال: "التنوين دليل التنكير ... فإن قلت: فإذا كان الأمر كذلك، فما بالهم نونوا الأعلام، كزيد وبكر؟ قيل: جاز ذلك؛ لأنها ضارعت بألفاظها النكرات؛ إذ كان تعرفها معنويا لا لفظيا؛ لأنه لا لام تعريف فيها ولا إضافة"٢.

وليس حذف التنوين من العلم الموصوف بابن هنا، بسبب التقاء


١ أمالي السهيلي ٢٤.
٢ الخصائص ٣/ ٢٤٠.

<<  <   >  >>