للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النطق العربي القديم، أما الضاد القديمة العصية النطق، فقد تطور مخرجها وصفتها، حتى أصبحت على الصورة التي نعهدها في مصر"١.

أما الدكتور تمام حسان، فيرى أن الطاء القديمة كانت مهموسة، غير أنها كانت ذات نطق مهموز، وهذا هو ما أوقع اللغويين القدامى في الخطأ -في نظره- حين عدوا هذه الطاء مجهورة، فيقول: "أما الطاء التي وصفها لنا القراء القدماء فمجهورة على ما رأوا، وهذا يحتاج إلى قليل من المناقشة، ففي بعض اللهجات العامية المعاصرة، صوت من أصوات الطاء، يمكن وصفه بأنه مهموز، ولإيضاح ذلك نقول: إن طرف اللسان ومقدمته، يتصلان في نطقه بالثنايا واللثة وتعلو مؤخرة اللسان وتتراجع إلى الخلف في اتجاه الجدار الخلفي للحلق، ويقفل المجرى الأنفي للهواء الخارج من الرئتين، بخلق اتصال بين الطبق والجدار الخلفي للحلق. وفي نفس الوقت تقفل الأوتار الصوتية، فلا تسمح بمرور الهواء إلى خارج الرئتين، وبذلك تتكون منطقة في داخل الفم والحلق، يختلف ضغط الهواء فيها عنه في الرئتين وفي الخارج. وفجأة يتم انفصال الأعضاء المتحركة، التي وصفنا اتصالها في وقت ما، فيندفع هواء الرئتين إلى الخارج، ويندفع الهواء الخارجي إلى الداخل، فيحدثان بالتقائهما أثرا صوتيا، هو صوت الطاء، كالتي تنطق في بعض لهجات الصعيد مثلا.

"ومعنى كون الطاء مهموزة هنا، أنه صحبها إقفال الأوتار الصوتية حين النطق، فأصبح عنصر الهمز جزءا لا يتجزأ من نطقها. هذه الطاء مهموسة قطعا؛ لأن إقفال الأوتار الصوتية لا يسمح بوجود الجهر ... ويرجح عندي أن الطاء العربية الفصحى القديمة، التي وصفها القراء كانت في صوتها وفي نطقها بهذا الوصف، ثم لغرابة صوتها على السمع، أخطأ النحاة والقراء، فجعلوها مجهورة في دراستهم، وجعلوا الدال مقابلا مرققا لها"٢.


١ الأصوات اللغوية ٥٨.
٢ مناهج البحث في اللغة ٩٤.

<<  <   >  >>