للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلامية دفعهم دفعا إلى أن يتكاتبوا في مهامهم، وشئونهم الشخصية وفي التهاني والتعزية وفي العظة والعبرة١، ومن غير شك كثر ذلك مع مر الزمن، وإن كانت الكتب الأدبية، والتاريخية لم تعن بتلك المكاتبات قدر عنايتها وبالوسائل السياسية؛ لأنها في الغالب لا يتعلق بها تاريخ، وأيضا فإن أصحابها لم يكونوا يقرءونها في الناس، ولا كانوا يسجلونها، ومع ذلك نجد آثارا منها، يرجع بعضها إلى صدر الإسلام، وبعض آخر يرجع إلى عصر بني أمية، وربما كان أبرز كتابها عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر.

أما الكتابة الدينية، فقد أصابها ما أصاب الخطابة الدينية من الرقي والازدهار، لسبب بسيط، وهو أن كتابها كانوا هم أنفسهم الذين مرنوا على الخطابة والجدال، والحوار في المسائل الدينية والمذهبية، فأضفوا على كتابتهم نفس الصورة البيانية التي أضفوها على خطابتهم، مما نجده ماثلا في كتابات الحسن البصري، وغيلان الدمشقي وغيرهما من الوعاظ، وأصحاب النحل الذين نهضوا بتمرين اللغة العربية على كثير من المعاني الدقيقة موازيين بين معانيهم، وبين ألفاظهم، وما تحتاجه لتأثيرها على وجدان السامع، والقارئ من حلاوة وعذوبة.


١ انظر رسالتين متبادلتين الصحابيين:
أبي الدرداء، وسلمان الفارسي في العقد الفريد ٣/ ١٥٠.

<<  <   >  >>