من يتابع نهضة النثر المصري بعد القرن التاسع عشر، يلاحظ أن الصراع بين المحافظين والمجددين يستمر، ولكن دائمًا ترجح كفة المجددين، وأتاحت لهم الثورة المصرية، التي قامت عام ١٩١٩م أن ينتصروا انتصارًا مؤزرًا على إخوانهم من المحافظين، فقد ثار الناس على قديمهم في السياسة، وثار الأدباء عى قديمهم في الأدب، وأصبحت لا تجد صوتًا يرتفع بالنصرة لفكرة السجع، فضلا عن فكرة البديع، وأعدت هذه الحال لنضهة واسعة في النثر المصري الحديث، فإن من يرجع إلى مكتبتنا الحاضرة، يشرف على اتساع ما احتوته من ترجمات عن الآداب الأوروبية، وكذلك ما احتوته من أعمال أدبية، صنعتها طائفة من كتابنا وأدبائنا على غرار ما يصنع الأوروبيون أعمالهم الأدبية، وآثارهم الفنية، ومعنى ذلك أن مصر الآن تعيش في عصر، يعتمد على النقل الواسع من أوروبا، كما يعتمد على إحداث نماذج أدبية ممتازة في عالم المقالة، والقصة والمسرحية. وقد أخذ الأوروبيون أنفسهم، يتصلون بما يصدره أدباء مصر من قصص، فترجموه إلى لغاتهم المختلفة، وبذلك كادت الدورة بين مصر وأوروبا أن تتم، فمصر تأخذ الآن وتعطي.
وهذا المركز الممتاز للنثر المصري الحديث، جعل مصر تتزعم البلاد العربية