تبدو الأندلس من الوجهة الجغرافية وحدة متجانسة، ولكن من ينعم النظر يجد أن هذه الوحدة تطوي في داخلها وحدات متباينة، لكل وحدة مشخصاتها الجغرافية المستقلة: هناك وحدة على ساحل بحر الروم تتأثر بجوه ومناخه، وأخرى على ساحل المحيط تتأثر بجو ومناخ آخر، وثالثة تتوسط الوحدتين، وهي هضبة مرتفعة تتخللها سلاسل من الجبال، كما تتخللها طائفة من الأنهار يصب بعضها في المحيط، وبعضها في البحر المتوسط، وهذه الشخصية الجغرافية للأندلس كان لها تأثير واضح في شخصيتها السياسية، فإن انقسام البلاد على هذا النحو إلى وحدات متباينة أنتج فيها -مع مرور الزمن- فكرة الاستقلال المحلي، فكل إقليم يحس أنه مباين للآخر، وأنه في حاجة إلى الاستقلال السياسي على نحو ما هو مستقل استقلالا جغرافيًا، وساعد على نمو هذا الشعور في نفوس