رأينا الأندلس تندفع نحو تقليد المشرق في عمله وأدبه، وكان هذا الاندفاع طابع الأقاليم العربية عامة، فهي جميعًا تتجه نحو الأم، نحو بغداد، تتغذى منها، وتستمد صفاتها وخصائصها، ومهما غربت وأبعدت عن بغداد، فالخصائص الكبرى للأدب العربي في كل إقليم من أقاليمه واحدة، وكأنما اللغة العربية لا تعرف الاعتداد بالمكان، ولا تعتد به بل قل هي تعرفه، وتعتد به، ولكنها لا تقيم وزنًا كبيرًا لهذه المعرفة، ولا لهذا الاعتداد، بل إنها لتقسوا على الأقاليم التي تدخلها، فإذا أبناؤها لا يتصلون به إلا اتصالا بعيدًا، أما اتصالهم القريب، فإنما هو بالنماذج الأدبية الممتازة، التي اصطنعتها العربية لنفسها في بغداد