إذا تركنا عصر المقتدر طلع علينا عصر جديد هو عصر الإمارات، التي تقسمت فيما بينهما إيران وخراسان، ونقصد إمارة السامانيين، الذين امتد نفوذهم في خراسان، وما روءا النهر من سنة ٢٦١هـ إلى سنة ٣٨٩هـ، ثم إمارة البويهيين الذين بسطوا نفوذهم على الولايات الجنوبية الغربية من إيران، كما بسطوه على العراق، وبغداد نفسها إذ كانت الخليفة ألعوبة في أيديهم، وقد استمر سلطانهم من سنة ٣٢١هـ إ لى سنة ٤٤٧هـ. وبجانب هاتين الإمارتين الكبيرتين كانت توجد إمارتان صغيرتان: إحداهما في خوارزم، والثانية في طبرستان، وجرجان حيث أسرة الزياريين، ثم تظهر الدولة الغزنوية في أواخر القرن الرابع، فتستولي على ما كان بيد السامانيين، والغزنويون يرجعون إلى أصل تركي بينما يرجع السامانيون، والبويهيون والزياريون إلى أصول فارسية، وأسس الغزنويون لهم أول الأمر إمارة في أفغانستان، ثم توسعوا فاستولوا على إمارة السامانيين.
وقد هيأت هذه الإمارات، والدول المختلفة لحركة أدبية وعقلية واسعة، بحيث يمكن أن يعد هذا العصر -على الرغم مما كان فيه من انقسام الدولة العباسية على هذا النحو- أحفل العصور العربية بالنشاط الأدبي، والعلمي، والفلسفي.
ويكفي أنه ظهر في هذا العصر أشهر فلاسفة الإسلام، وعلمائه من مثل ابن