يذهب عصر ملوك الطوائف، وندخل منذ عام ٤٨٤ للهجرة في عصر جديد هو عصر سلطان المغاربة، إذ فزع الأندلسيون في حروبهم مع المسيحيين إلى يوسف بن تاشفين، صاحب دولة المرابطين لينصرهم عليهم، فيذهب إليهم يرد عنهم كيد أعدائهم، ولكنه لا يتركهم، بل يدخلهم في حوزته، واستمرت الأندلس تابعة لدولته، حتى استولت عليها دولة الموحدين، وقد اشتهرت الدولة الأولى دولة المرابطين بالتعصب في مسائل الدين، وأصبح للفقهاء في عصرها شأن كبير، إذ كان لهم أثر واسع في دخول البلاد في هذا الحكم الجديد، وكان المرابطون لذلك يعتدون بهم، فهم عدتهم وعتادهم، ومن أجل ذلك سلموا لهم شئون الدولة، فاضطهدوا المتفلسفة، ورموهم بالزندقة وتعقبوهم في كل مكان. أما دولة الموحدين، فكان حكامها أوسع عقولًا وتفكيرًا، وقد اشتهر من بينهم أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن "٥٥٨-٥٨٠هـ" بمحبة الفلسفة وأصحابها، وممن ظهر في عصر هذه الدولة ابن باجة، وابن رشد وابن طفيل، ونستمر حتى نلتقي في القرن السابع ببني هود، وكذلك ببني الأحمر أصحاب غرناطة.
واستطاعت الأندلس أن تتقدم في الحركة العقلية في أثناء تلك العصور،