للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثعالبي: "إنه كان أكتب الناس في السلطانيات، فإذا تعاطى الإخوانيات كان قاصر السعي، قصير الباع"١، وقد لاحظ ابن الأثير نفس هذه الملاحظة على الصابي٢، ويروي الثعالبي طائفة من نثر الإسكافي، وهي كلها تنهج نهج التصنيع، وما يطوى فيه من سجع وبديع، ويختم الحديث عنه بقوله: "إنه لما انتقل إلى جوار ربه غدت لفراقه الكتابة شعثاء، والبلاغة غبراء، وأكبر فضلاء الحضرة رزيته، وأكثروا مرثبته، وفيه يقول بعض الشعراء:

ألم تر ديوان الرسائل عطلت ... لفقدانه أقلامه ودفاتره

كثغر مضى حاميه ليس يسره ... سواه وكالكسر الذي عز جابره

ليبك عليه خطه وبيانه ... فذامات واشيه وذامات ساحره"٣

وأما أبو الفتح البستي فكان -في أول أمره- كاتبًا لباي توز أمير مدينة بست، وهي من مدن أفغانستان، فلما استولى عليها الأمير سبكتكين ألحقه بخدمته، "وصار من بعد ينظم بأقلامه منثور الآثار عن حسامه، وينسج بعباراته، وشائع فتوحه ومقاماته، هلم جرًّا، إلى زمان السلطان يمين الدولة، وأمين الملة "محمود بن سبكتكين"، فقد كتب له عدة فتوح إلى أن زخزحه القضاء عن خدمته، ونبذه إلى ديار الترك من غير قصده وإرادته"٤، واشتهر البستي بكثرة الجناس في كلامه، يقول العتبي: "هو صاحب التجنيس"٥، ويقول الثعالبي: "هو صاحب الطريقة الأنيقة في التجنيس الأسيس"، البديع التأسيس، وكان يسميه المتشابه، ويأتي فيه بكل طريقة لطيفة"٦.

ولم يروا الثعالبي شيئًا من رسائله، وإنما اكتفي ببعض ما في كتبه من أمثال وحكمة، كقوله: "عادات السادات، سادات العادات، من سعادة جدك،


١ اليتيمة ٤/ ٩٢.
٢ المثل السائر ص١٤٨.
٣ اليتيمة ٤/ ٩٤.
٤ انظر تاريخ اليميني للعتبي مع شرح المنيني ١/ ٧١.
٥ نفس المصدر ١/ ٦٧.
٦ اليتيمة ٤/ ٢٨٤.

<<  <   >  >>