للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيهم الخصب والسماحة والنجـ ... ـدة جمعا والخاطب الصلاق

ويقول زبان بن سيار الغزاري١:

ولسنا كأقوام أجدوا رياسة ... يرى مالها ولا يحس فعالها

يريغون في الخصب الأمور، ونفعهم ... قليل إذا الأموال طال هزالها٢

وقلنا بلا عي وسسنا بطاقة ... إذا النار نار الحرب طال اشتعالها

ويقول عامر المحربي٣:

أولئك قومي إن يلذ ببيوتهم ... أخو حدث يوما فلن يتهضما

وكم فيهم من سيد ذي مهابة ... يهاب إذا مار رائد الحرب أضرما٥

وهم يدعمون القول في كل موظن ... بكل خطيب يترك القوم كظما٦

يقوم فلا يعيا الكلام خطيبنا ... إذا الكرب أنسى الحبس أن يتكلما

ويضا إلى هذا السبب في تفوق الخطيب على الشاعر في الجاهلية اتساع وظيفته، إذ كان يفاخر وينافر عن قومه، فيشترك بذلك مع الشاعر كما يشترك معه في الحض على القتال، ثم ينفرد بمواقف خاصة به كالوفادة على الملوك، وكالنصح والإرشاد، وخطبهم في الإملاك والزواج مشهورة، ومن أهم المواقف التي كان ينفرد بها أنه كان يدعو إلى السلم، وأن تضع الحرب بين القبائل المتخاصمة أوزارها، أما الشاعر فلم يكن يدعو إلا إلى الأخذ بالثأر، وإشعال نار الحرب، ولعل ذلك ما جعل ربيعة بن مقروم الضبي يقول٨:

ومتى تقم عند اجتماع عشيرة ... خطباؤنا بين العشيرة يفصل

ويقول أبو زبيد الطائي٩:

وخطيب إذا تمعرت الأو ... جه يوما في مأقط مشهود


١ البيان والتبيين ١/ ٤.
٢ يريغون: يدبرون، والأموال هنا: الإبل
٣ المفضليات، القصيدة، ٩١ البيت ١٨، وما بعده.
٤ يتهضم: ينتقص.
٥ أضرم النار: أشعلها، وكانوا إذا توقعوا حربا وأرادوا الإجماع، أوقدوا نارا على جبلهم.
٦ كظما: جمع كاظم، وهو الساكت غيظا:
٧ الجبس: اللئيم المنقطع.
٨ أغاني "طبع الساسي" ١٩/ ٩٣.
٩ البيان والتبيين ١/ ١٧٦، وتمعرت الوجوه تغيرت واصفرت. والمأقط: موضع القتال.

<<  <   >  >>