للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا المداهنة، حتى قالوا: إنه كان يأبى أن يستمع إلى مدائح الشعراء له، مع عطفه عليهم، وبذله لهم الجوائز والمكافآت١، وقد زاره البيروني وقدم له كتابه "الآثار الباقية"، كما قدم له الثعالبي "كتابي المبهج" و"التمثل والمحاضرة".

ومعنى ذلك أنه كان يشجع الأدباء والعلماء، وكان أديبًا ممتازًا نال حظًا واسعًا من ثقافة عصره، وخاصة الفسلفة وعلم الفلك والنجوم٢، يقول الثعالبي:

"جمع الله له إلى عزة الملك بسطه العلم"٣، ويقول العتبي: "لم يسمع في شيوخ الملوك بأبرع منه في الآداب والحكم"٤، وقد مدحه أحد الشعرء مستغلًا لقبه "شمس الدولة"، فقال٥:

لله شمسان تذكير لخيرهما ... وللمؤنثة النقصان ملتزم

أزرى بتلك سنًا من غير معرفة ... فيها وزين هذا العلم والكرم

يا أيها الملك الميمون طائره ... وخير من في الورى يمشي به القدم

لو كنت من قبل ترعانا وتكنفنا ... لما تهدي إلينا الشيب والهرم

واشتهر قابوس ببيانه وفصاحته، يقول الثعالبي: "إني أتوج هذا الكتاب بلمع من ثمار بلاغته"٦، ويقول العتبي: "إن رسائله موجودة في البلاد، عند الأفراد لكني أكتفي منها بلمعة من بوارق بيانه، وزهرة من حدائق إحسانه"٧، وقد جمع اليزدادي في عصر قريب من عصر قابوس هذه الرسائل، وسماها كمال البلاغة، فاستخرج منها أربعة عشر نوعًا في طريقة التسجيع، واستخدام القرائن واللوازم المتصلة بالسجعات، وإن نظرة في هذا الكتاب تجعل القارش يحس مدى التعقيدات، التي كان يتخذها قابوس في حرفته، ولسنا ندري من أين جاءته هذه التعقيدات، إلا أن يكون للفراغ الذي


١ معجم الأدباء ١٦/ ٢٢٩.
٢ انظر بكتاب براون السابق ٢/ ١٠٣.
٣ اليتيمة ٤/ ٥٦.
٤ اليميني مع شرح المنيني ٢/ ١٧.
٥ اليتيمة ٤/ ٤٧ واليميني ١/ ١١٥.
٦ اليتيمة ٤/ ٥٦.
٧ اليميني ٢/ ١٧.

<<  <   >  >>