للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤرخ المشهور١، وهو فارسي الأصل، ولما ولي عبد الله بن طاهر مصر في عصر المأمون، اصطحب معه إسحاق بن أبي ربعي ليكون كاتبه، وفيه يقول بعض الشعراء٢:

أرى كاتبًا جاه الكتابة بين ... عليه وتأديب العراق منير

له حركات قد تشاهد أنه ... عليم بتقسيط الخراج بصير

وقد سقنا ذلك لندل على أن مصر لم تستفد كثيرًا في عهد الولاة، من حيث النشاط الأدبي في باب الكتابة الرسمية، إذ كانت تستورد دواوينها من الخارج، ومن أجل ذلك لم يكن لها نشاط واضح في هذا الجانب، إلا ما رواه المقريزي من أنه كان لبعض أمرائها كتاب، ينشئون عنهم بعض الرسائل، ومن هؤلاء الكتاب عبد الله بن صالح، كاتب الليث بن سعد٣، ولعل مما يتصل بذلك ما يقال: من أنه كان لعبد الحميد الكاتب عقب يسكنون مصر، منذ قتل في موقعة الزاب، وكانوا يكتبون لأمرائها٤، على أنه ليس عندنا نصوص لهذه الطائفة من كتاب الأمراء، ولا للطائفة الأخرى من كتاب الولاة، ومن ثم كنا لا نبعد إذا قلنا: إن مصر لم تستولها صورة واضحة من الكتابة الفنية في عصر الولاة، غير أننا لا نصل إلى عصر ابن طولون، الذي استقل بها، وأسس فيها دولة كان لها شأن مهم في القرن الثالث للهجرة، حتى نجد مصر تبدأ عصرًا جديدًا في تاريخ النثر الأدبي، وذلك لسبب بسيط، وهو أن ابن طولون اتخذ لنفسه ديوان رسائل، وبذلك وجدت الوسيلة لنشوء حركة أدبية، تماثل ما نشأن في دمشق، وبغداد حول دواوين الرسائل، يقول صاحب صبح الأعشى:

"لم يكن لديوان الإنشاء بالديار المصرية في مدة نواب الخلفاء، صرف عناية تقاصرًا عن التشبه بديوان الخلافة، إذ كانت الخلافة يومئذ في غاية العز ورفعة السلطان، ونيابة مصر بل سائل النيابات مضمحلة في جانبها، والولايات الصادرة


١ الوزراء والكتاب ص٢٥٦، والفهرست ص١٦٤.
٢ النجوم الزاهرة ٢/ ١٩٣.
٣ الوزراء والكتاب ص٥٤.
٤ نفس المصدر ص٨٢.

<<  <   >  >>