للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسلطان مشفق على الرعية، فأعط ما استطعت من الغلة إما نقدًا وإما قرضًا، قال النصراني: أسعد الله السلطان الوزير، إن لدي من الغلة ما يمكنني من إطعام أهل مصر الخبزست سنوات، وكل ما يستطيع الحكم يدرك، كم ينبغي أن يكون لهذا الثري لتبلغ غلته هذا المقدار، وأي سلام كانت فيه الرعية، وأي عدل كان للسلطان بحيث يكون شعور الناس، وأموالهم بهذا القدر"١.

ويتكلم ناصر خسرو عن قصر الخليفة، فيقول: إن قصره به نحو ثلاثين ألفًا من الخدم والجواري، وإنه رأى يوم فتح الخليج -وكان أحد الأعياد في العصر الفاطمي- سرادقًا نصب للسلطان على رأس الخليج، وكان هذا السرادق من الديباج الرومي، موشي كله بالذهب، ومكلل بالجوهر، وهو من الكبر بحيث يتسع ظله لمائة فارس، وأمام هذا السرادق خيمة من أبي قلمون، وسرادق آخر كبير، ويسير في ركاب السلطان عشرة آلاف فارس، على خيولهم سروج مذهبه، وأطواق وألجمة مرصعة، وجميع لبد السروج من الديباج الرومي، وأبي قلمون، وكذلك كانت تسير إبل كثيرة عليها هوادج مزينة، وبغال عمارياتها "هوادجها" مرصعة بالذهب، والجوهر وموشاة باللؤلؤ٢، ويستطرد ناصر خسروا إلى وصف مائدة رآها للمستنصر يوم العيد فيقول: إنه رأى في هذه المائدة شجرة أعدت للزينة تشبه شجرة الترنج، كل غصونها وأوراقها، وثمارها مصنوعة من السكر، ومن تحتها ألف صورة وتمثال مصنوعة كلها من السكر أيضًا٣، ومن يرجع إلى ما روي عن ثورة الأتراك في عصر المستنصر، أثناء المجاعة العامة بمصر يرى مبلغ ما كان في دور الفاطميين من بذخ، وترف يقصر عنهما الوصف، فقد هجم الأتراك في ثورتهم على قصر المستنصر، ونهبوا ما فيه من مجاميع التحف والطرف وباعوه بأبخس الأثمان، فمن ذلك سبحة من الأحجار الكريمة، قومت بثمانين ألف دينار، وصندوق من الجوهر قوم بثلاثمائة ألف دينار، وأربع عشرة كيلة من


١ سفرنامه ص٦٢.
٢ سفرنامه ص٥٢.
٣ سفرنامه ص٦٤.

<<  <   >  >>