شيركوه، وجاء أسد الدين إلى مصر، ومعه ابن أخيه صلاح الدين، فهزم الصليبيين، ورد الأمر إلى شاور إلا أنه قتل، فحل محله أسد الدين في وزارة العاضد، ولكن الموت عاجله، حينئذ نرى صلاح الدين يتولى الوزارة مكان عمه، وينبهم الموقف فالخليفة شيعي، ووزيرها سني، وهو يتبعه من جهة، كما يتبع نور الدين من جهة أخرى، ويرسل نور الدين إلى صلاح الدين أن ينقل الخطبة في المسجد الجامع إلى الخليفة العباسي، ويقضي على نظام الحكم الشيعي، فيصدع صلاح الدين بالأمر، وينفذ مشيئة نور الدين، ثم تخدم الظروف صلاح الدين، فإذا نور الدين يتوفى بعد قليل، فيستقل هو بمصر، بل نراه يذهب إلى الشام، فيستولي على ممتلكات نور الدين، حتى يوحد العالم الإسلامي أمام الصليبيين، ويستمر فيستولي على أجزاء من الموصل، كما يستولي على بلاد العرب، ويؤسس في مصر دولة عظيمة هي الدولة الأيوبية، التي كان أصحابها يلقبون أنفسهم بالملوك.
كانت الدولة الأيوبية دولة سنية، لذلك أخذت تناهض التشيع الفاطمي، ومظاهره في مصر، واتخذت لذلك طريقة منظمة هي إنشاء المدارس، والمعاهد السنية، وقد بدأ صلاح الدين هذه الحركة، فأنشأ طائفة من المدارس كي يدعم الدعوة السنية، يقول ابن خلكان:"لما ملك السلطان صلاح الدين الديار المصرية، لم يكن بها شيء من المدارس، فإن الدولة المصرية، كان مذهبها مذهب الإمامية، فلم يكونوا يقولون بهذه الأشياء، فعمل في القرافة الصغرى المدرسة المجاورة لضريح الإمام الشافعي رضي الله عنه، وبنى مدرسة بالقاهرة في جوار المشهد المنسوب إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما، وجعل عليها وقفًا كبيرًا، وجعل دار سعيد السعداء خادم الفاطميين خانقاه، ووقف عليها وقفًا طويلًا، وجعل دار عباس المذكور في ترجمة الظافر العبيدي، والعادل ابن السلار مدرسة للحنفية، وعليها وقف جيد كبير أيضًا، والمدرسة التي بمصر المعروفة بزين التجار وقفًا على الشافعية، وقفها جيد أيضًا"١، وكما عني صلاح الدين بمحاربة التشيع في مصر، عني أيضًا بمحاربة التفلسف عناية