للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمس سنواتٍ بأيدي ذوي المطامع فيها، حملوا إلى البلاد ما لا تعرفه فدهشت عقولها، وشدوا عليها بما لا تألفه فحارت ألبابها، وألزموها ما ليس في قدرتها فاستعصت عليه قواها، وخضدوا من شوكة الوازع تحت اسم العدالة؛ ليهيئوا بكل ذلك وسيلةً لنيل المطمع, فكانت الحركة العرابية, فاتخذوها ذريعةً لما كانوا له طالبين، فاندفع بهم سيل المصاعب، بل طوفان المصائب على تلك البلاد، وظنوا بلوغ الأرب, ولكن أخطأ الظن وهموا بما لم ينالوا١".

واستمع لهذه الفئة المصلحة اليقظة كيف تتنبه لمكايد الإنجليز وصنائعهم في مصر، وتفضح حيلهم: "نوبار باشا ساعٍ إلى أمر مهمٍّ, وهو ما ذكرناه في العدد السابق، ونشرته بعدنا جريدة "الدبّا" وسائر الجرائد الإنجليزية، وهو أن يكون ولي القاصر "عباس" بعد خلع أبيه, فينال بسطةً في السلطة، وإطلاقًا في الأمر والنهي، وعلم أن هذا وقت الفرصة لحرص الحكومة الإنجليزية على تملك مصر، وهي محتاجة في ذلك إلى من ليس له وطن ولا دين ولا جنس في مصر، فهي في شدة الاحتياج لنوبار باشا، وتوفيق باشا قبةٌ جوفاء لا يرجع منها إلّا صدى الأصوات، إن قلت: لا، فلا، أو قلت: نعم، فنعم، فهو في غضبه ورضاه تابع لما يلقى إليه، فعلم نوبار أن خديويًّا مثل هذا, يمكن أن يكون واسطةً في تمكين الإنجليز من مصر من حيث لا يشعر، بتقديمه هذه الخدمة لهم يبني لنفسه من العزة قصرًا شاهقًا"٣.

واستمع كذلك إلى أديب إسحق, تلميذ جمال الدين الأفغانين, وأحد الألسنة التي أطلقها تندد بالاستعمار وحيله، وكيف ينبه المصريين إلى خداع الإنجليز، وتخديرهم المصريين بتخفيض الضرائب حتى يمدحوا أيامهم، ويوازنوا بينهم وبين حكامهم المتعسفين, فيرجحون في كفة العدالة، وقد أشارت بعض الصحف بما قدم الإنجليز من عملٍ فثارت ثائرته وقال:


١ افتتاحية مجلة العروة الوثقى.
٢ مجلة العروة الوثقى, ج٢ ص١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>