للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بجانب هذه الأغراض السياسية والاجتماعية موضوعات أدبية بحتة، من وصف وتعزية وتهنئة، وتحدث عن الأمور المعنوية كالجمال، والعاطفة, والذوق، والسعادة, وما شاكل هذا, وقد حاول بعض الكُتَّاب أن يرشد الناس إلى ما تقتضيه صنعة الكتابة من أمور، وما تطلبه من جهود؛ كأديب إسحق، وقد بَيَّنَ في مقالاته١ شروط الكتابة السليمة وأنواعها، وكان ذلك ضروريًّا في هذه الحقبة، ويقول الشيخ خليل اليازجي في الإنشاء:

"الإنشاء مَلَكَةٌ راسخةٌ في النفس, يعين عليه سلامة الذوق وطول المزاولة، والناس فيها طبقات متفاوتة, مرجعها في الأكثر إلى بداهة الخاطر وذكاء البصيرة وغزارة المادة، وله أحكام إذا راعاها المجيد نبغ فيها، وإذا راعاها الضعيف استأنس بها، فأعانته على الجري فيها"٢.

ومن أمثلة النثر الأدبي رسالة لعبد الله نديم يشكر صديقًا على كتاب وصله منه٣:

"لبيك كوكب الصبح، دام نداك، وسعد بك نسيم الصبا، طاب شذاك، وأهلًا بك يا نور النهار، ومرحبًا بك نَوْر البهار، فإني أرقت للقاء منذ سمعت بالإسراء، ومازلت أسأل عن ركبكم من منازل البدر، وأستفهم منه ركبان النجوم حتى مطلع الفجر، فالشعرى تقول: تركتهم بتلك الرحلة، وعطارد يقول: تقدمتهم بمنزلة، والمريخ يقول: أناخوا ركابهم، والمشترى يقول: أثاروا نجائبهم، والدجى تقول: ليلهم قمري، والزهر تقول: هم أولاء على أثري, وكل ذلك وأنا هائم كحاطب بليلٍ, حتى طلع على جانب السحر سهيل، فهممت بتقبيله فأبى، وارتفع عني ونبا، فأشرت له بتلطفٍ, وأنشدته بتعطف:


١ مجالي الغرر ج٣ ص٥, وص١٠٠ من هذا الكتاب.
٢ مجالي الغرر ص١٠ ج٣.
٣ سالقة النديم ص٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>