للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهرت سطوتها أول الأمر حينما اضطرت المحاكم الأهلية إلى تعيين المترجمين بين القضاة الأجانب، وبين الأهالي والمترافعين لأول عهدها سنة ١٨٨٣؛ إذ لم تجد الحكومة من بين المصريين أكفاء يلون شئون القضاء، ولقد أدى إنشاء المحاكم المختطلة سنة ١٨٧٦، وإنشاء المحاكم الأهلية بعد ذلك إلى نهضة قانونية قوية بمصر؛ فوضعت القوانين، وكثرت عليها شروح العلماء١.

وترجمت كتب كثيرة من الفرنسية في هذا الباب مثل: أصول النواميس والشرائع, لبنتام, نقله فتحي زغلول٢ وهو في الخامس والعشرين من عمره، وحقوق الملل, ومعاهدات الدول, للأمير أمين أرسلان، والطعن في الحكام بطريق النقض والإبرام, ترجمة عزيز خانكي سنة ١٩٠٠.

ووضعت المعاجم القضائية لتيسر على المشتغلين بالقضاء والمحاماة الاطلاع على المواد اللازمة أو الأوامر العالية، ومن أشهر هذه المعاجم: قاموس الإدارة والقضاء, لفيليب جلاد, في ستة مجلدات سنة ١٨٩٩، والقضاء المصري الأهلي, لإبراهيم الجمال, وهو معجم للقواعد القانونية المأخوذة من أحكام المحاكم الأهلية.


١ من ذلك: ١- توضيح المشكلات في شرح قانون المرافعات, لأحمد عفيفي.٢- شرح قانون التجارة, لعبد العزيز كحيل، ويوسف وهبة ١٨٨٥. ٣- ورسالة في قوة الأحكام المدنية لعبد العزيز كحيل ١٨٨٩. ٤- طلبة الراغبين في بيان حقوق الدائنين, لعبد العزيز محمد ومحمد توفيق نسيم ١٨٩٣. ٥- شرح الأموال على القانون المدني, لمراد فرج ١٨٩٣. ٦- شرح باب إثبات الديون, وإثبات التخلص منها, لعلي ذو الفقار ١٩٧٣. ٧- رسالة في تزوير الأوراق, لفتحي زغلول سنة ١٨٩٥؛ وغير ذلك كثير, راجع تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان, ج٤ ص ٣٦٢.
٢ ولد سنة ١٨٦٣ بمصر، ودرس الحقوق بها، واشتغل بالقضاء حتى وصل إلى وكيل لوزارة العدل، قال فيه المنفلوطي: "إنه نابغة الأمة العربية علمًا وفضلًا، ونادرتها ذكاءً وفهمًا, وأقدر كتابها على الترجمة الصحيحة التي لا يضيع فيها معنى، ولا يضطرب فيها لفظ، وما انتفعت هذه الأمة في عصرها الحاضر بعلم أحد من علمائها انتفاعها بمؤلفاته ومترجماته, ويمتاز في كتاباته بالبيان والإيضاح والدقة في وضع الألفاظ بإزاء المعاني، فلا يتجوز إلّا قليلًا، ولا يتخيل إلّا نادرًا, ولا يغرب، ولا يتندر بحالٍ من الأحوال" مختارات المنفلوطي ص١١١، وقد ترك أحمد فتحي زغلول ثروةً علميةً عظيمةً من التأليف والتعاريب في القانون والإدارة والاجتماع؛ فترجم: روح الاجتماع لجوستاف لوبون، وتطور الأمم لجوستاف لوبون، وسر تقدم الإنجليز السكسونيين لأدمون دومولان، وشرح القانون المدني، وكُرِّمَ من أجله "١٩١٣", وله كتاب المحاماة ١٩٠٥، وتوفي فتحي زغلول سنة ١٩١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>