للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدت لها بعدها تباشير النجاح، فغص معهدها بالتلميذات، وشجعها الخديو إسماعيل بأن وهبها قطعة أرض رحبة بالفجالة وأمدها بالمال اللازم لتشيد هذه المدرسة فصارت من أرقى مدارس مصر وأقبل عليها الفتيات المصريات والأجنبيات، ولا سيما بعد أن فتح إسماعيل المدرسة السنية سنة ١٨٧٣ تشجيعًا على تعليم البنت، ووضعها تحت رعاية إحدى زوجاته.

ولم تكن المدارس الإنجليزية وحدها مصدر الثقافة الإنجليزية بمصر، بل ساعدها في ذلك الميدان مجيء أول بعثة أمريكية في الشرق سنة ١٨٥٥، في عهد سعيد، وكان ميالًا بطبعه للأجانب، يمنحهم تشجيعه ومساعدته. واتخذت البعثة الأمريكية مقرها بالقاهرة، ودأبت في جد وحرص على نشر رسالتها في جميع أرجاء مصر والشرق العربي، تؤيدها الأموال الأمريكية الطائلة، والأسباب التربوية الحديثة، ولم تدع عاصمة من عواصم القطر، بل ولا مركزًا مهمًا من مراكزه إلا أسست فيه فرعًا ومدرسة تنشر تعاليمها، حتى وصل عدد مدارسها في سنة ١٩٣٢ إلى ما يزيد على اثنين وأربعين مدرسة، بها ما يربو على ٦٩٩٤ تلميذًا وتلميذة١.

وعلى الرغم من كل ذلك فقد ظل نفوذ الإنجليز الأدبي والثقافي بمصر محدود الأثر، لا يستطيع مغالبة النفوذ الفرنسي، إلى أن جاء عهد الاحتلال على أثر الثورة العرابية في سنة ١٨٨٢؛ وقد أفضنا في الحديث عن هذه الثورة وكيف دخل الإنجليز مصر وذكرنا الأسباب الواهية التي حاولوا أن يسوغوا بها هذا التدخل الذميم أمام مصر، وأمام دول الغرب التي كانت تقف لهم بالمرصاد٢.

وما أن استقر الإنجليز بمصر حتى نشطوا لتثبيت أقدامهم بها، فأرسلوا في سنة ١٨٨٣ عددًا غير قليل من غلاة المستعمرين وذوي الخبرة في إذلال


١ إحصاء قسم التسجيل والامتحانات بوزارة المعارف العمومية سنة ١٩٣١- ١٩٣٢.
٢ راجع الفصل الخامس من كتاب الأدب الحديث ج١.

<<  <  ج: ص:  >  >>