للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيام الحرب العالمية الأولى، وقد خلقتها في عهد الاستقلال جريدة السياسة اليومية وأختها السياسية الأسبوعية.

كانت الصحافة من قبل تطرح على المشتركين، الذين يعدون الاشتراك فيها كرمًا وأريحية يحبون بها صاحب الجريدة، ولكنها بفضل المنافسة، والحرية، والاهتمام بالشعب وآماله والمزايدة في الوطنية، وتنبه شعور الجمهور للإصلاح والتخلص من الإحتلال من التصريح بأن صحافة وادي النيل بلغت، أو كادت تبلغ شأو الجرائد الأوربية من حيث الحجم، ووفرة الأخبار، وغير ذلك من المحاسن: والفضل في ذلك عائد إلى الحكومية المصرية، التي تحدت الحكومات الأوربية ما أمكن -بتأثير الاحتلال الإنجليزي- وعلى الجملة فالصحافة العربية في تاريخ حقبتها الثانية لا تستحق أن تعد بين الصحف الراقية إلا في مصر، ولا يمكن أن ترتقي في سائر الأفكار إلا بقدر ارتقاء المحيط الذي تصور فيه، كما نشاهد الآن ذلك بالفعل في أمريكا الشمالية، والجنوبية"١.

ومما يدل على أن كرومر كان له الفضل في حرية الصحافة المصرية، أنه بعد رحيله لم تقوَ الحكومة، ولا رجال الاحتلال على مواجهة الحرية الصحفية، والقوة التي كانت تهجم بها على الفساد الحكومي، وتنغص على المحتل إقامته، وتبين مساوئ حكمه، وفساد إدارته، وتعسفه فأعادوا في ٢٥ من مارس ١٩٠٩ قانون المطبوعات القديم الذي كان قد صدر في أخريات الثورة العرابية، أي قبل الاحتلال في ٢٦ نوفمبر ١٨٨١، وكان هذا القانون يخول وزير الداخلية الحق في إنذار الصحف، وتعطيلها مؤقتًا، أو نهائيًا من غير محاكمة أو دفاع، وكان بعثه وإعادة العمل به نكسة للحرية الصحفية، وقضاء على ما بقي للشعب المصري من متنفس، وكان صدوره أول مظهر للتحالف بين الخديو عباس والاحتلال ضد الحركة الوطنية٢.


١ تاريخ الصحافة العربية ج٣ ص٨.
٢ راجع محمد فريد لعبد الرحمن الرافعي ص١٠٠، ط ثانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>