للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصدور قبل ذلك بعد أن عين الشيخ على يوسف شيخًا للسادة الوفائية في سنة ١٩١٢، وودع المؤيد ورئاسة تحريره في سنة ١٩١٣، وأسندت رئاسة تحريره لمحمد بك أبو شادي، ولكن الديون كانت قد أثقلت المؤيد، فأصر الدائنون على بيع داره وأثاث بيت صاحبه لاستيفاء الدين، فبيعت في مارس ١٩١٣ وفي ٢٥ من أكتوبر سنة ١٩١٣ توفي الشيخ علي يوسف وهو في الخمسين من عمره، ذهب ذلك الصوت المصري الجريء مع من ذهب من أعلام النهضة١.

أما "الجريدة" لسان حزب الأمة، والصوت الجديد في الصحافة فقد توقفت كذلك في سنة ١٩١٤، وجنت عليها الحرب فيما جنت٢.

كانت الحرب العالمية الأولى نكبة على الناس، وقد حاول الإنجليز أن يتخذوا منها ذريعة للقضاء على ما بقي للمصريين من حرية واستقلال وشعور بالكرامة والوطنية، فمهدوا الطريق لإعلان الحماية على مصر ليقطعوا بذلك آخر صلة لها بتركيا، وليحكموها بيد من حديد بحجة الدفاع عن أنفسهم، وتأمين خطوط مواصلاتهم، فأعلنوا قانون التجمهر في ١٨ أكتوبر سنة ١٩١٤، الذي يقضي بألا يجتمع أكثر من خمسة أشخاص في مكان ما٣، وغلوا البلاد بالأحكام العرفية في ٢ من نوفمبر "١٩١٤"٤. ثم أعلنوا الحماية في يوم ١٨٩ من ديسمبر "١٩١٤"٥ وقد احتجت جريدة "الشعب" التي كان يصدرها أمين الرافعي احتجاجًا على إعلان الحماية٦، وعطلت الجمعية التشريعية في ٢٧ من أكتوبر ١٩١٥، فلم يبق في مصر أي صوت ينطق بلسان الشعب، أو يستطيع أن يتفوه بكلمة حق.

وهكذا صمت المصريون أمام هذا الإرهاب الشنيع طوال أربع سنوات، تضيق صدورهم بما ترتكبه "السلطة" من آثام، ولا تنطلق ألسنتهم بما يعتلج في


١ راجع ترجمة الشيخ علي يوسف وتاريخ المؤيد في كتابنا "في الأدب الحديث" ج١ ص٤١٥ وما بعدها ط سابعة. وكذلك في مقال للمؤلف عن الشيخ علي يوسف في مجلة الكتاب عدد يولية سنة ١٩٤٨، وفي دراسات أدبية للمؤلف ج١.
٢ راجع تراجم شرقية وغربية لهيكل، وراجع الإسلام والتجديد ص٢١٥.
٣ راجع ثورة سنة ١٩١٩ لعبد الرحمن الرافعي ج١ ص١١.
٤ الوقائع المصرية ٢ من نوفمبر ١٩١٤.
٥ الوقائع المصرية ١٨ من ديسمبر سنة ١٩١٤.
٦ ثورة ١٩١٩ ص٢٧ ج١.

<<  <  ج: ص:  >  >>