للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخديو بشكل واضح إلى الاحتلال، وقطع مصطفى كامل صلته بالخديو؛ لأنه لم يعد في نظره أهلًا لأن يتزعم الحركة الوطنية فانصرف عنه، وفي ذلك يقول: "لما رأيت، رغبة سموه في توطيد الحملات الحسنة بينه وبين ملك الإنجليز وحكومته، وجدت من واجبي أن أكون بعيدًا عنه" -لم يجد الشيخ على يوسف بدًّا من أن يتبع الخدو في سياسته، والشيخ محمد عبده في ميوله، ولكنه كما ذكرنا ظل حتى آخر لحظة من حياته عدوًا للإنجليز، وأن أسس حزب الإصلاح ليدافع عن الخديو وتركيا١.

ظهرت في مصر إبان هذه الفترة ثلاثة أحزاب: أولها الحزب الإنجليزي ولسان حاله جريدة المقطم، ومن رجاله مصطفى فهمي، ونوبار، ومحمد سعيد وكثير من اللبنانيين الذين لجئوا إلى مصر، وكانت صدورهم حانقة على تركيا، وحزب الخديو وتمثله المؤيد وصاحبها، ويدين بالولاء لتركيا عن عقيدة دينية، وقد عبر المؤيد عن خدماته لها في موضع العتاب، حين اتهم بخروجه عن ولائه عقب وفاة السلطان عبد الحميد بقوله٢: "كان المؤيد -وما زال- خادم الدولة الأمين ورسولها الصادق إلى الأقطار الإسلامية، وصوتها المسموع في أنحاء العالم، وقد تأسس على دعامة التفاني في الإخلاص لعرش الخلافة العظمى.

ولقد يعلم القراء أن المؤيد سعى سعيًا مجيدًا في مساعدة الدولة في حربيها الأخيرتين٣ بل هذه اللجنة العليا لحربي طرابلس والبلقان، وتلك الخطب الرنانة التي كان يلقيها مؤسس المؤيد في وسط جماهير المكتتبين للحربين للحث على البذل بجود وسخاء، وما كان يتبعها من الفصول التي تكتب في المؤيد بقلمه، وقلم إدارة التحرير كلها أدلة مجسمة على أن المؤيد قام للدولة العلية بالواجب في كل أدوار حياته".


١ راجع مقالًا للمؤلف عن الشيخ علي يوسف في مجلة الكتاب يونية سنة ١٩٤٨ وفي دراسات أدبية للمؤلف ج١.
٢ المؤيد في ١٨ من أكتوبر سنة ١٩١٣.
٣ يشير إلى حرب البلقان وحرب طرابلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>