للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيحصى معانيك القريض المهذب ... على أن صدر الشعر للمدح أرحب

لقد مكن الرحمن في الأرض دولة ... لعثمان لا تعفو ولا تتشعب١

وقال عند الانقلاب العثماني الذي خلع فيه عبد الحميد سنة ١٩٠٩ قصيدته التي يقول فيها

كنت أبكي الأمس منك فمالي ... بت أبيك عليك عبد الحميد

ويشير إلى أن عبد الحميد كان حتى أمس خليفة يدعي له في مساجد المسلمين بقوله:

كلما قامت الصلاة دعا الدا ... عي لعبد الحميد وبالتأييد

إلى غير ذلك من المناسبات التي لا يحركه إليها إلا الشعور الديني، من مثل عيد الدستور التركي سنة ١٩٠٨، وعودة الطائرين العثمانيين، وحرب طرابلس، ولكنه بمجرد أن أعلنت الحماية على مصر، وزال آخر ما يصل بينها وبين تركيا من صلات بزوال الخلافة نفسها، لا نسمع له شيئًا عن تركيا، على العكس من شوقي؛ وذلك لأنه لم يكن يشعر إلا بهذا الشعور الديني وحده.

ولكنه تأثر في السياسة المصرية بعدة عوامل. من ذلك طول صحبته للشيخ محمد عبده، وكثرة ملازمته له، وقد قال في ذلك: "فلقد كنت ألصق الناس بالإمام، أغشى داره، وأرد أنهاره، وألتقط ثماره٢، وقد عرفت أن الشيخ محمد عبده يدعو إلى الإصلاح البطيء، ويكره الطفرة، ويريد أن يهيئ الأمة ويعدها لأنها تحكم نفسها حكمًا صحيحًا، بالتعليم وارتقاء الشعب٣ حتى ينشأ جيل قوي يستطيع أن ينال الاستقلال وأن يحافظ عليه، وعرفت كذلك موقفه من عباس وموقف عباس منه٤، وأنه كان صديقًا للورد كرومر٥؛ لأنه كان يدفع عنه بطش عباس، ويمكنه من أن يسير في إصلاحاته بالأزهر، والأوقاف، والقضاء.


١ تعفو: من العفاء أي تندثر.
٢ ليالى سطيح ص ١٣٥ لحافظ إبراهيم.
٣ راجع تاريخ الأستاذ الإمام ج٢ ص١٢٣: وراجع كتابنا في الأدب الحديث ج١ ص٢٧٥ وما بعدها ط سابعة.
٤ الأدب الحديث ج١ ص٢٩٣ ط سابعة.
٥.Modern Egypt, Vol: l l.PP. ١٨٩- ١٨١

<<  <  ج: ص:  >  >>