حسين عرش مصر لقى منه عطفًا شديدًا فعين كاتبًا في الديوان السلطاني، ونعم بقربه، وخصه بأحسن مدائحه.
قال ولي الدين يكن في أول مقال له بجريدة المقطم بعد عودته من زيارته الأولى لتركيا، وشاهد عن كثب الفساد الشامل من الأداة الحكومية:"هذا قلم أرن القوس صائب الرمية فلأجرينه حتى لا تبقى من دار الظلم لبنة على لبنة، وبياض على سواد، ولأسيرن قوارعه شربًا في كل قاتم الأعماق، شاسع الأطراف، إلى أن يقول نصير الحمية: لبيك، ونستريح وإخواننا مما نحن فيه".
واحتضنته الحكومة البريطانية كما احتضنت غيره من الساخطين على تركيا، فازداد لها حبًّا، وأصبح لا يذكرها إلا بكل خير، ولا يذكر عميدها اللورد كرومر إلا أشاد بفضله ونعته أحسن النعوت، ودعاه مصلح مصر، وأبا المصريين المشفق١، قال في المعلوم والمجهول:"ولا أظن رجلًا يشفق اللورد كرومر على المصريين، فهو أبو حريتهم، ومصدر إنصافهم، ومورد سعدهم إلا أنه كان يخدم من يحبونه".
وكان من المناوئين لمصطفى كامل، ويرى استعانته بسياسة فرنسا قبل الاتفاق الودي في سنة ١٩٠٤ خطأ جسيمًا، بل يرى أن فرنسا هي التي خلقت مصطفى كامل. ويرى أن مصر ليست للمصريين بل هي للعثمانيين فقال عن عبد الله نديم:"وإنما أحدث الخلاف بيننا أنه كان عدوًا للعثمانيين، وهو من قدماء من يقولون: "مصر للمصريين" ونحن نقول: "مصر للعثمانيين" وعلى أن ولي الدين يريدها ولاية عثمانية محكومة بيد إنجليزية.
ولعلك ترى من هذه الصورة الموجزة أن ولي الدين من الأدباء الذين فسدت عقيدتهم الوطنية، والتوت أفكارهم في طرق معوجة ونظروا إلى الأمور نظرة ساذجة، واغتر بالحرية الكاذبة التي منحها الإنجليز للصحافة في مصر، مع أنهم يريدون بينهم الفرقة ويمدون لهم في حرية القول وهو أهون الأمور لديهم،
١ أدباء العرب الجزء الرابع ص٣٠١ لبطرس البستاني ومقدمة ديوان ولي الدين لأنطوان الجميل.