للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما للسياسة تؤذينا وتبعدنا ... عما يضم قوانا حين تقترب

أغرت بنا الخلف حتى اجتاح قوتنا ... وطاح بالشرق ما نجني وترتكب

ولم يكن يصدق أن تركيا ضعيفة، وأنها سميت في عالم السياسة بالرجل المريض، وأن الفساد قد دب في جسمها كله، وأنها على وشك الانهيار إن لم تتداركها يد الله، والإصلاح.

وليس يزول ملك الترك حتى ... تزول الأرض أو تهوى السماء

ويرى أنهم أهل لأن يتولوا شئون الخلافة، ويراعوا حقوقها، فهم عنها الذادة الأشاوس، وهم الذين انتهجوا خير منهج، وفاته أنهم منذ أن خرجوا من ديارهم غازين للبلاد الإسلامية سبب نكبتها، وما تردت فيه من جهل وذل وانحلال، ضعفت بضعفهم، وفسدت بفسادهم؛ فانهارت بانهيارهم حتى صارت لقمة مستطابة لذائب الغرب.

لولا بنو عثمان والسنن ... شرعوا لما وضح السبيل الأقوم

سطعوا بآفاق الخلافة فانجلى ... عنها من الحدثان ليل مظلم

فهم ولاة أمورها وكفاتها ... وهم حماة ثغورها وهُم هُم

وهو الشاعر الوحيد الذي دافع عن عبد الحميد، وأسف أشد الأسف لما أصابه بعد عزله في سنة ١٩٠٩، وقد أهمه وأحزنه أن رأى بعض الناس قد شمتوا به وهم الذين كانوا يلهجون بحمده، ويعيشون في نعمائه:

كأن بغاة الجود والمجد لم تفد ... عليه، ولم تهطل عليهم مواهبه

كأن بغاة الشعر لم تغش بابه ... بمستعليات تزدهيها مناقبه

كأن الأولى زانوا المنابر باسمه ... أحلوا بدين الله ما لا يناسبه

ثم أخذ يدافع عنه بحمية، وقد رأى الأعداء كثرًا، وكل يعدد مثالبه:

ألم يستطر يومًا لخطب مساور ... محافظة من أن تسوء عواقبه

ألا راحم هل من شفيع أما كفى ... أكل بني الدنيا عدو يغاضبه

أكل مآتيه ذنوب أكله ... عيوب؟ ألا من منصف إذا نحاسبه

<<  <  ج: ص:  >  >>