أنا مصري بناني من بنى ... هرم الدهر الذي أعيا الفنا
وقفة الأهرام فيما بيننا ... لصروف الدهر وقفتي أنا
في دفاعي وجهادي للبلاد ... لا أميل لا أمل لا ألين
لك يا مصر السلامة
ويك يا من رام تقيد الفلك ... أي نجم في السما يخضع لك
وطن الحر سما لا تمتلك ... والفتى الحر بأفقه ملك
لا عدا يا أرض مصر بك عاد ... إننا دون حماك أجمعين
لك يا مصر السلامة
للعلا أبناء مصر للعلا ... وبمصر شرفوا المستقبلا
وفدى لمصرنا الدنيا فلا ... تضعوا الأوطان إلا أولًا
جانبي الأيسر قلبه الفؤاد ... وبلادي هي لي قلبي اليمين
لك يا مصر السلامة
ومما يتصل بالشعر السياسي، ولا يقل عنه أثرًا في الوطنية المصرية، وإذكائه الحمية قلوب الناشئين، وصف الطبيعة المصرية، وتجلية محاسنها والتغني بها؛ لأنه يجعل المصريين يقدّرون وطنهم ويعشقونه، ويزدادون به تمسكًا وفيه فناء. وقد فطن لهذا الشعراء العرب في جاهليتهم وقلما خلت قصيدة كبيرة من وصف الطبيعة العربية برمالها، وعيونها، وسمائها وخمائلها، ووحشها، وما تثيره في نفس الشاعر من ذكريات، ولا يدعون صغيرة ولا كبيرة إلا التقطتها عيونهم اليقظة، وأذواقهم المرهقة، وأدارتها عقولهم الواعية، وأخرجتها وجداناتهم الحية شعرًا صادقًا في الوصف، حتى حيات الصحراء وذبابها كان لها نصيب في شعرهم، وخلعوا عليها بعض المحاسن، وظل شعراء العرب بعد أن هجروا صحراءهم مفتونين بجمال تلك الصحراء؛ لأن الشعر الجاهلي وهو المنبع الذي استقوا منه، والمدرسة التي تخرجوا فيها، كان من القوة والصدق في وصف تلك الديار، وإبراز ما فيها من جمال بحيث لم يجد الشعراء في العصور الإسلامية بدًّا من أن يذكروا نجدًا وغير نجد من الأماكن التي فتن بها شعراء العصر الجاهلي.