المشكلات الاجتماعية: الأطفال المشردون، نتيجة لهذا، ونتيجة لجهل الطبقة الدنيا بتعاليم الإسلام، والإكثار من الزواج والطلاق، مع عدم قدرتهم المالية على تربية أولادهم. لذلك كثر الاهتمام بهؤلاء الأطفال الذين يعدون قذى في عين الأمة وسبة لمصر الغنية التي تنبت أرضها الذهب، والتي يبشم فيها فريق، حتى يسأم ويبعثر المال ذات اليمين وذات اليسار في سفه وطيش.
وكان حافظ إبراهيم قبل أن يدخل سجن الوظيفة شاعر مصر الاجتماعي الذي يأسى لما تعانيه من أدواء وعلل. وهو الذي ذاق مر الفقر، وكوي بنار الفاقة، وعرف ذل الحاجة، والبؤس، وكان متأثرًا بمبادئ الحزب الوطني الذي كان في أوجه حينذاك، والذي كان يهدف إلى نهضة الأمة في كل مرفق من مرافق الحياة، لا في السياسة فحسب، ولحافظ أكثر من قصيدة في وجوب العناية بهؤلاء الأطفال الذين إن أهملوا كانوا حربًا على الأمة في المستقبل، وصاروا عيارين، وسفاحين، وأفاقين، وعالة على المجتمع، يعاني منهم -وقد كبر معهم شرهم- أسوأ الأدواء وأضرها فتكا به.
قال حافظ في رعاية الطفل سنة ١٩١٠ قصيدته التي مطلعها:
شبحًا أرى ذاك طيف خيال ... لا بل فتاة بالعراء حيالي
أمست بمدرجة الخطوب فما لها ... راع هناك وما لها من والي
وقال في ملجأ رعاية الطفل سنة ١٩١١ قصيدته التي مطلعها:
صفحة البرق أومضت في الغمام ... أم شهاب يشق جوف الظلام
وفيها يحث على الإحسان بقوله:
دعوة البائس المعذب سور ... يدفع الشر عن حياض الكرام
وهو حرب على البخيل وذي ... البغي وسيف على رقاب اللئام
وفيها يقول منوهًا بفضل الزكاة لمن يستحقها:
وعلمنا أن الزكاة سبيل الله ... قبل الصلاة قبل الصيام
خصها الله في الكتاب بذكر ... فهي ركن الأركان في الإسلام