جبريل هلل في السماء وكبر ... واكتب ثواب المسنين وسطر
سل للفقير على تكرمه الغنى ... وأطلب مزيدًا في الرخاء لموسر
ويتخذ القصيدة في الهلال الأحمر وسيلة لمدح توفيق وزوجته.
يا بنت إلهامي دعاء معظم ... لسماء عزك في البرية مكبر
توفيق مصر وأنت أصل في الندى ... وفتا كما الفرع الكريم العنصر
والقصيدة الثانية قيلت إبان حرب طرابلس. وفيها حث على مساعدة الهلال الأحمر ليعنى بجند الترك وأهل طرابلس، فليست منبعثة عن شجى لحال المنكوبين، وعن شعور صادق بآلامهم، ومطلعها:
يا قوم عثمان والدنيا مداولة ... تعاونوا بينكم يا قوم عثمانا
وفيها يقول في كلام عام لا يصور الفاقة والبؤس كما صورها حافظ:
البر من شعب الإيمان أفضلها ... لا يقبل الله دون البر إيمانًا
هلى ترحمون لعل الله يرحمكم ... باليد أهلًا، وبالصحراء جيرانا؟
وليس لشوقي في الواقع شعر في الفاقة والبؤس، والعناسة بالفقراء لا قبل الحرب العالمية الأولى أيام أن كان مقيدًا بتلك القيود التي أشرنا إليها ولا بعد أن عاد من المنفى، وذاق فيه مرارة الحرمان، ولكنه كان على كل حال -حتى وهو في منفاه- في يسر من العيش ورغد من الحياة، ولذلك لم يشعر بتلك الآلام المبرحة التي يعانيها الفقراء، ولم يألف المواطن الشعبية التي يغشاها هؤلاء الفقراء، والأطفال المشردون، وإنما كان يعيش بعد عودته من المنفى في بيئة محوطة بالعناية والثراء، وقليل الاختلاط بالناس، اللهم إلا طبقة من خلصاء الأصدقاء يزورهم في سيارته الفارهة الفخمة، ويمر بمواكب البؤس ومناظره، ولا يراها ولا يحس بها.
أما مطران فحاله كحال شوقي من حيث ندرة ما قال عن الفقراء، ووصف حالتهم البشعة، وحث الأمة على العناية بهم، وتتصفح ديوانه كله فلا تجد إلا