وترى محمد عبد المطلب يطرق باب هذه المشكلة في أربع قصائد، ثلاث منها في جمعية المواساة الإسلامية قال أولاها في سنة ١٩١٣ والثانية في سنة ١٩١٤، والثالثة في سنة ١٩٢٨ أما القصيدة الرابعة فقالها في الحرب والغلا، سنة ١٩١٨ ونرى عبد المطلب في قصيدة المواساة الأولى يصف حالة الفقراء، وما يكابدون من جهد، وجوع، وعرى:
أسألت باكية الدياجى ما لها ... أرقت فأرّقت النجوم حيالها
باتت تكفكف بالوقار مدامعًا ... غلب الأسى عبراتها فأسالها
وينهى من هذا الوصف إلى الثناء على رجال المواساة، ثم إلى مدح عباس، وأم المحسنين، وأما القصيدة الثانية فقد جعلها قصة يصف فيها حال فقير بائس، له صبية صغار يتضاعفن من الجوع، ويتلوون من الألم، وله جار رب قصر مثيف:
قصر يشق السماء طولًا ... فخم الدعامات ذو منار
تلألا الكهرباء فيه ... تلألؤ الكُنّس الجوارى
كأنه والظلام ساج ... من حوله آية النهار
ومركب النسيم يجري ... على الثرى آمن العثار
والمال يجبى إليه كيلًا ... فمن ضياع ومن عقار
ويرى هذا الفقير جاره الغني، في كل ليلة، وموائده عامرة بكل ما لذّ وطاب، والخدم يروحون ويجيئون:
فتلك في كفها حنيذ ... على إناء من النضار
وتلك من خلفها بصحن ... عليه حوت من البهار
وهذا الفقير يشتهي فتات المائدة ويدعو الله أن يعطف عليه هذا الجار، ولكن لا يستجاب دعاؤه، حتى يأتيه رجل المواساة بالبر والعطف والخير والمواساة.
وأما القصيدة الثالثة فليس فيها هذا التصوير البارع، وإنما هي كلام عام ومدح وثناء على عناية رجال المواساة بالبائسين من كل صنفٍ.