وأنظر جيشهم من نصف قرن ... على أبصارنا ضرب الخياما
فلا أمناؤنا نقصوه رمحًا ... ولا خواننا زادوا حساما
ملكنا ما رن الدنيا بوقت ... فلم نحس على الدنيا القياما
طلعنا وهي مقبلة أسودًا ... ورحنا وهي مدبرة نعامًا
إذا لرأي العجب العجاب، ورأى سماء مصر قد ملأها نسورنا وصارت حرة لهم لا ينازعهم فيها منازع، ولرأي كيف تقوضت خيام المحتل الغشوم، وكيف ذاق مذلة الهزيمة في بور سعيد ورأى أننا فعلًا قد انتقصنا عتادة بل استولينا عليه وهو الذي يقدر بالملايين في قاعدة القناة، وأننا صرنا أمة يجيشها وقادتها وسلاحها، وأننا نصنع اليوم السلاح الذي نحمي به هذه الديار الحبيبة كما تحمى الأسود عرينها١.
كان شوقي وهو الذي تعلم في باريس، وهو الذي أحب مصر كل الحب حريصًا على تسجيل مظاهر نهضتها، مشجعًا العاملين من بنيها ويرى أن مهمة الشاعر أن ينبه الغافل ويثبت العامل، ويشجع الرائد؛ فنراه يقول في بنك مصر وتأسيس داره أكثر من قصيدة ويقول في أول طيار مصري، وهكذا يتتبع مظاهر النهضة، ويثني على من يقوم لبلاده بمكرمة. ومن يضع في صرح بنائها حجرًا، وليس الأمر كما يصوره الدكتور طه حسين بأن هذا الشعر كالكراسي المذهبة التي لا يخلو منها حفل، وإنما صدر هذا الشعر عن عاطفة صادقة تهتز طربًا وتنتشى فرحًا لكل خطوة تخطوها الأمة في درج الحضارة بعد أن ظلت قرونًا تعاني الحرمان والجهل والمرض وشتى الآفات الوبيلة.
ويرى شوقي أن المرأة تستجيب لدعوة قاسم أمين، وتحاول جاهدة أن تمزق حجابها، وتحطم غل هذا الحجاب، ويقف أول الأمر مترددًا بين هواه في تشجيعها، وبين التقاليد الإسلامية التي يشجع عليها القصر فيقول قصيدته:
١ في خطبة الرئيس جمال عبد الناصر احتقالًا بعيد النصر في ٢٣ ديسمبر ١٩٦١ قرر زيادة ثلاث فرق كاملة العدة والعتاد في الجيش المصري حتى يكون اعتمادنا على أنفسنا في كل أمورنا الحربية.