أما حافظ فكان أحرص على العناية بالأدواء والمصائب من عنايته بمظاهر الرقي والنهوض، وهذا يرجع إلى أن حافظًا قد لاقى في مبدأ حياته، كثيرًا من الصعاب، وخالط أنماط شتى من طبقات الشعب، وكان رجلًا كثير الأصدقاء، يجلس في المقهى، ويلتف حوله المعجبون بأدبه. وكان حافظ في تلك الحقبة الذهبية في حياته، أي قبل أن يعين في دار الكتب. وطنيًّا جياش العاطفه، حريصًا على الإسهام فيما يعود على بلاده بالرقي، يفرح إن أصابها خير، ويأسى إن أصابها ضر، يشب حريق ميت غمر فيقول قصيدة عامرة مطلعها:
سائلوا الليل عنهم والنهارا ... كيف باتت نساؤهم العذارى
وتشتد الحملة على اللغة العربية، ويحاربها أعداء البلاد، ويفتن بدعوتهم بعض من رقت مبادئهم الوطنية والدينية، فيقول قصيدته التي أتينا عليها فيما سبق والتي مطلعها:
وينتهز فرصة زواج الشيخ علي يوسف صاحب المؤيد ببنت السيد عبد الخالق السادات والطعن في هذا الزواج بأنه غير متكافئ ويقول قصيدة طويلة، ينعى فيها على الشباب نفاقهم، وتقاعسهم عن المعالي، وتفرقهم شيعًا وأحزابًا.
وهذا يلوذ بقصر الأمير ... ويدعو إلى ظله الأرحب
وهذا يلوذ بقصر السفير ... ويطنب في ورده الأعذب
وهذا يصيح مع الصائحين ... على غير قصد ولا مأرب
ويصور في هذه القصيدة نفاق الناس، فقد حملوا على الشيخ علي يوسف حملة شعواء، ولكنهم ما لبثوا أن هنئوه، وتزاحموا على بابه، وأسدى إليه الخليفة وسامًا، ولذلك قال: