للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحاول أن يظهر المحافظة على الدين، وقد أثنى على باحثة البادية في المقدمة التي صدر بها كتاب النسائيات؛ ولأن دعوتها إلى الإصلاح اتبعت سبيلا معتدلا في حدود الشرع١، وظهر كذلك مصطفى كامل يدعو إلى التمسك بالدين وتنمية شعوره في ذلك يقول: "قد يظن بعض الناس أن الدين ينافي الوطنية، أو أن الدعوة إلى الدين ليست من الوطنية في شيء، ولكني أرى أن الدين والوطنية توأمان، وأن الرجل الذي يتمكن الدين من فؤاده يحب وطنه حبًّا صادقًا ويفديه بروحه وما تملك يداه٢.

ودعا رجال الحزب الوطني للاحتفال لأول مرة بالعام الهجري٣، وأقيم الاحتفال في غرة محرم سنة ١٣٢٨ هـ -يناير ١٩١٠، وأنشد فيه حافظ قصيدته التي مطلعها:

لي فيك حين بدا سناك وأشرقا ... أمل سألت الله أن يتحققا

وكان المؤيد وصاحبه بجانب الحزب الوطني يعمل على تغذية الشعور الديني، والرجوع بالإسلام إلى نقاوته الأولى، وإلى مجده العظيم٤، وثم تأتي الحرب العالمية الأولى، وما فيها من شدائد وأهوال، وما جلبته من جيوش عديدة أجنبية، مقيمة أو عابرة، وعملوا على إفساد الأخلاق، كما عمل الغلاء على إضعافها، وجاءت الثورة العاتية، وكان فيما أفادته يقظة المصريين إلى الدعوة الدينية بين شباب مصر كما ذكرت في أول هذا الموضوع لانتشار الانحلال الخلقي والاستهتار فيهم، نتيجة للتعليم العقيم الذي غذى به المصريون على يد الإنجليز، وكان من وراء هذا إنشاء عدة جمعيات دينية الشبان المسلمون والهداية الإسلامية برياسة السيد محمد الخضر، والتعارف الإسلامي، ثم الإخوان، وظهرت عدة جرائد ومجلات دينية، لا تهتم إلا بالدين، وتقوية العاطفة


١ راجع النسائيات، مطبعة الجريدة، القاهرة ١٩١٠ ص٥٠.
٢ مصطفى كامل لعبد الرحمن الرافعي ١٤٦، ٤٢٣.
٣ راجع محمد فريد لعبد الرحمن الرافعي ص١٣٨.
٤ راجع تراجم شرقية وغربية لهيكل ص٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>