على الأصول خرج من ميدان اللغة العربية أصلًا؛ لأن الوقوف على ما تعارف عليه العرب شرط أساسي لا يمكن الاستغناء عنه ما دام المراد هو التكلم بلغتهم.
ولم يكتف المرصفي بالتجديد في النظرة إلى علوم العربية من نحو وصرف وبلاغة، وبيان الغاية منها، ولكنه تكلم عن "كتابة الإنشاء أو صناعة الترسل"، وكذلك ما سماه "صناعة الشعر" واتبع في معالجتها ما أتبعه في معالجة البلاغة من الاعتماد على الذوق والمعرفة معًا.
ومقياس الجودة عنده:"صحة المعنى وشرفه، وتخير الألفاظ في أنفسها، ومن جهة تجاورها، وموافقتها للمقام، وإجادة التركيب على ما شرح في علم المعاني وغيره، بحيث تكون الألفاظ سلسلة في النطق خالية من التنافر وشدة الغرابة، يألف بعضها بعضًا: حتى تكون الكلمات المتوالية بمنزلة كلمة واحدة، وتكون الألفاظ التي توردها في مقام الحماسة ليست كالألفاظ التي توردها في مقام الغزل والتشبيب، فلكل فن من تلك الفنون ألفاظ توافقه من جهة شدتها ولينها تسمعهم يقولون: الجزل الرقيق١".
وجاء بعد المرصفي جماعة ساروا على نهجه في الإفادة من العلوم في فهم النص وشرحه ونقده على طريقة القدماء، منهم الشيخ حمزة فتح الله في "المواهب الفتحية" مع زيادة اهتمام بالنحو واللغة، ومنهم الشيخ المهدي وحفني ناصف في دروسهما بالجامعة المصرية القديمة مع اهتمام أولهما بتاريخ الأدب وثانيهما بدراسة النصوص الأدبية على الطريقة القديمة.
وقد اشتهر من النقاد الذين سلكوا مسلك السلف في النظرة إلى الشعر وطبقوا قواعد البلاغة القديمة في النقد: إبراهيم المويلحي، ولم يروجوا في نقدم لمذاهب جديدة في الأدب، أو ينموا على تأثر بتيارات الأدب الغربي وإنما ينظرون إلى اللفظ من حيث جودته وصحته وعدم تعاضل حروفه وانسجامه مع غيره وأدائه للمعنى، وينظرون إلى المعنى من حيث الإحالة والتعسف والخطأ والوهم