القوافي والأوزان، أو حافظ على الأوزان دون القوافي، وهو ما يسمى بالشعر المرسل ومن حافظ على القوافي وأهمل الأوزان، وسموا هذا الأخير الشعر المنثور وقد تكلمنا عنه آنفًا، ومن أمثلة الشعر المرسل، وهو الموزون غير المقفى بعض ما ترجمه محمد فريد أبو حديد من روايات شكسبير فمن ذلك مناجاة روميو لنفسه حين رأى جوليت فيحفل راقص لأول مرة:
نورها الباهر في لمعته ... جعل الأنوار تزداد سنا
وبدت في صفحة الليل كما ... يلمع الجوهر في قرط الزنوج
إن هذا الحسن لا أحسبه ... حسن أهل الأرض حاشا أن يكون
ثم يراها في الشرفة تنظر إلى القمر مفكرة فيحدث نفسه وهو ينظر إليها:
أي نور يتلال ... باهرًا من خدرها
إن هذا أفق الشرق وقد ... أشرقت جوليت من أعلاه شمسًا
أيها الشمس تعالى في السماء ... واقتلى بدر الدجى من غيظه
فهم يبدو شاحبًا في حقده ... مذ رأى حسنك أبهى منظرًا
ليتني كنت في يديها شعارًا ... أو غطاء أمس تلك الخدودا
فإذا سمع صوتها صاح:
أسمعي صوتك حلوًا أسمعي ... يا ملاكًا من ضياء الأفق
أنت في الليل تلوحين كما ... سبحت في الجو أملاك السماء
ومن ذلك مناجاته لها وقد رآها ملقاة على الأرض بعد أن خدرها القسيس فظنها روميو قد فارقت الحياة:
يا هوى مهجتي ... وزوجي سلامًا
إن يك الموت قد سطا بك واشتف ... رحيق الشفاه من أنفاسك
فلعمري هذا جمالك رطب ... أعجز الموت، لم يزل في بهائه
تلك أعلامه ترفرف حمراء ... على خده وفوق شفاهة
وأرى الموت تحت راية الصفر ... كليلًا ملفعًا بصفاره