للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسست هذا على أس التقى ... أم عباس ملاذ المعوزين

أيها الظامئ قف نلت المنى ... فيح مي جدة أم المحسنين١

إن هذا الكلام لا يسمى شعرًا، بل هو نظم، وصاحبه كما رأيت "نديم" لا شاعر، يحاول أن يرضى البيت المالك، والحاشية، وتتمثل فيه الرقة والوداعة، وسرعة البديهة، والقدرة على القول في كل شيء كما هو شأن الندمان غالبًا.

إذا كان الأدب الفرنسي قد ترك أثرًا في إسماعيل صبري، فذلك الأثر يتمثل في أنه شاعر "صالون" وشاعر "الصالون" كما علمت آنفًا يراعي دائمًا غيره، قبل أن يراعي نفسه وقلما يفرغ إلى شعوره ووجدانه، وفي "الصالون" يسود الذكاء، والنكتة وحسن التعبير. والمجاملة٢.

ويذكر لنا الدكتور محمد صبري أن دار إسماعيل صبري كانت "تذكرنا بالأندية التي يرجع إليها الفضل في تهذيب اللغة الفرنسية وتجنب الكلمات الحوشية النافرة،؛ لأن السيدات كن فيها الآمرات الناهيات يحاسبن على كل لفظة ويتلطفن في الخطاب"٣، وقد أيد هذا حافظ إبراهيم في رثائه.

لقد كنت أغشاه في داره ... وناديه فيها زهى وازدهر

وأعرض شعري على مسمع ... لطيف يحس نبو الوتر

ولكني لا أوافقه على أن إسماعيل صبري قد انطبع في ذهنه كثير من الأدب الفرنسي٤، اللهم إلا ذلك النوع من الأدب الذي ذكره الأستاذ العقاد بقوله: "ولما تهيأ لإسماعيل صبري أن يتلقى العلم في فرنسا، ويطلع على آدابها وآداب الأوربيين في غلتها كان من الاتفاق العجيب أنه اطلع على الآداب الفرنسية، وهي في حالة الذوق القاهري من بعض الوجوه؛ لأنها كانت تدين على الأكثر الأغلب بتلك الرافهية الباكية التي كان يمثلها "لامرتين" وإخوانه الأرقاء الناعمون"٥.


١ جدة أم المحسنين هي "بمبا كان" وسبيل أم عباس كان بمدرسة بما قادن.
٢ راجع ص٢٠٨- ٢٦١ من هذا الكتاب.
٣ آداب وتاريخ للدكتور محمد صبري ص١٢٠.
٤ أدب وتاريخ للدكتور محمد صبري ص١١٢- ١١٥.
٥ شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي ص٣٣- ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>