وإذا قلت. إن صبري أراد أن يقيم للحب دولة، ويشرع نظامًا، وتسود فيه النصفة والمساواة، فلعل هذا من الجديد، وإن كانت شريعته لا يرضى بها الحاكم ولا المحكوم، فأقول. إن هذا معنى قديم، ومن ألطف ما قيل في هذا المعنى قول محمد بن سارة.
كم قد رأت عيناي مثلك واليا ... للحسن، وتنتهب النفوس جنوده
الدهر طوع يديه والدنيا له ... أمة وأحرار الأنام عبيدة
وقول ابن النبيه.
أيا ملك القلوب فتكت فيها ... وفتكك في الرعية لا يحل
وقال صبري بعد ذلك.
أقبلي نستقبل الدنيا وما ... ضمنته من معدات الهناء
وأسفري تلك حلى ما خلقت ... لتوارى بلثام أو خباء
واخطري بين الندامى يحلفوا ... إن روضا راح في النادي وجاء
وانطقي ينثر إذا حدثتنا ... ناثر الدر علينا ما نشاء
وابسمي من كان هذا ثغره ... يملأ الدنيا ابتسامًا وازدهاء
وفي أول هذه الأبيات كلمة "معدات الهناء"، والمعتدات لعمري ثقيلة جدًّا في هذا البيت فضلًا عن أن الهناء بمعنى هناءة لم تسمع في الفصيح، وطلبه في البيت الثاني من المحبوبة أن تسفر؛ لأن هذا الجمال لم يخلق ليتوارى وراء الحجاب، معنى ردده من قبل أكثر من شاعر عربي ومن أحسن ما قيل في هذا قول الحسن التهامي:
وفي البيت الثالث يظهر محبوبته على عادته، بأنها امرأة "صالون" أو ناد كما أراد، وهذا ابتذال لها إذا كان حقًّا يحبها، ولكنه متأثر كما ذكرت بالطريقة الفرنسية، وقيل: إن هذه الأبيات نظمت في الآنسة "مي زيادة"؛ إذا كان يغشى