ناديها مع من يغشاه وكانت تستقبل زوارها كل "ثلاثاء" ولم يكن صبري ينقطع عن ندوتها إلا لضرورة ملحة، وقد اعتذر لها مرة عن تأخره بقوله:
روحى على دور بعض الحي حائمة ... كظامئ الطير تواقًا إلى الماء
إن لم أمتع بمي ناظري غدًا ... أنكرت صبحك يا يوم الثلاثاء
ومع هذا فالبيت ليس فيه جديد، فتشبيه المرأة بالروضة قديم، وفي ذلك يقول أبو تمام:
خرجن في نضرة كالروض ليس لها ... إلا الحلى على أعناقها زهر
ولعل بيت صبري ... أقرب إلى بيت كشاجم
رزئته روضة تروق ولم ... أسمع بروض يمشي على قدم
وأما تشبيه حديثها بالدر في البيت الرابع فكذلك من الصور المتداولة، التي كثرت جدًّا لدى الأقدمين، ومن أشهر ذلك قول البحتري:
ولما التقينا واللِّوى موعد لنا ... تعجّب رائي الدر منا ولا قطعة
فمن لؤلؤ تجلوه عند ابتسامها ... ومن لؤلؤ عند الحديث تساقطه
وقال صبري بعد ذلك:
لا تخافي شططًا من أنفس ... تعثر الصبوة فيها بالحياء
فهو يريد أن نفوس الجلساء مهذبة يحول الحياء بينها وبين ما لا ينبغي، ومقصده أنها نفوس عفيفة تستطيع أن تكبح جماحها على الرغم من الفتنة، وقديمًا قال المتنبي في العفة:
يرد يدًا عن ثوبها وهو قادر ... ويعصي الهوى في طيفها وهو راقد